وإن كان المطيب أخشم. وله دهن بدنه ظاهرا وباطنا وسائر شعره بذلك وأكله وجعله في شئ ولو برأسه. وألحق المحب الطبري بشعر اللحية شعر الوجه كحاجب وشارب وعنفقة، وقال في المهمات: إنه القياس، وقال الولي العراقي: التحريم ظاهر فيما اتصل باللحية كالشارب والعنفقة والعذار، وأما الحاجب والهدب وما على الجبهة، أي والخد، ففيه بعد اه. وهذا هو الظاهر، لأن ذلك لا يتزين به. ولا يحرم على المحرم دهن الحلال كنظيره الآتي في الحلق.
تنبيه: لا يحسن إدراج هذا في قسم الطيب فإنه لا فرق فيه بين الطيب وغيره كما مر، وقد جعلاه في الروضة وأصلها قسما مستقلا، لكن المحرر أدخله في نوع الطيب لتقاربهما في المعنى لأنهما ترفه، وليس فيهما إزالة عين. وقوله دهن هو بفتح الدال، لأنه مصدر بمعنى التدهين. وتعبيره ب أو يفيد التنصيص على تحريم كل واحد على انفراده.
(ولا يكره غسل بدنه ورأسه بخطمي) ونحوه كسدر من غير نتف شعر، لأن ذلك لإزالة الوسخ لا للتزين والتنمية، لكن الأولى تركه وترك الاكتحال الذي لا طيب فيه، وقيل: يكرهان، وتوسط قوم في الاكتحال، فقالوا: إن لم يكن فيه زينة كالتوتيا لم يكن، وإن كان زينة كإثمد كره إلا لحاجة رمد ونحوه، وصحح هذا في المجموع ونقله عن الجمهور، وقال في شرح مسلم: إنه مذهب الشافعي. والكراهة في المرأة أشد. وللمحرم الاحتجام والفصد ما لم يقطع بهما شعرا، وله خضب لحيته وغيرها من الشعور بالحناء ونحوه لأنه لا ينمي الشعر وليس طيبا، وله إنشاد الشعر المباح والنظر في المرآة كالحلال فيهما. (الثالث) من المحرمات. (إزالة الشعر) من الرأس أو غيره بحلق أو غيره، (أو الظفر) من اليد أو الرجل. أما الشعر فلقوله تعالى: * (ولا تحلقوا رؤوسكم) * أي شعرها، وشعر سائر الجسد ملحق به بجامع الترفه. وأما الظفر فقياسا على الشعر لما فيه من الترفه، والمراد من ذلك الجنس الصادق ببعض شعرة أو ظفر. (وتكمل الفدية في) إزالة (ثلاث شعرات) بفتح العين جمع شعرة بسكونها، ولاء. (أو) إزالة (ثلاثة أظفار) كذلك بأن اتحد المكان والزمان. والشعر يصدق بالثلاث، وقيس بها الأظفار ولا يعتبر جميعه بالاجماع، ولا فرق في ذلك بين الناسي للاحرام والجاهل بالحرمة لعموم الآية، وكسائر الاتلافات، وهذا بخلاف الناسي والجاهل في التمتع باللبس والطيب والدهن والجماع ومقدماته لاعتبار العلم والقصد فيه وهو منتف فيها. نعم لو أزالها مجنون أو مغمى عليه أو صبي غير مميز على الصحيح في المجموع لم تلزمه الفدية. والفرق بين هؤلاء وبين الجاهل والناسي أنهما يعقلان فعلهما فينسبان إلى تقصير، بخلاف هؤلاء. على أن الجاري على قاعدة الاتلاف وجوبها عليهم أيضا، ومثلهم في ذلك النائم. ولو أزيل ذلك بقطع جلد أو عضو لم يجب فيه شئ لأن ما أزيل تابع غير مقصود بالإزالة، وشبهوه بالزوجة تقتل فلا يجب مهرها على القاتل. ولو أرضعتها زوجته الأخرى لزمها نصف المهر، لأن البضع في تلك تلفه تبعا بخلافه في هذه.
أما إذا لم يوال بأن أزالها في ثلاث أماكن أو في مكان واحد ولم يتحد الزمان فيجب عليه في كل واحدة منها ما يجب عليه لو انفردت، وهو مد كما سيأتي. وحكم ما فوق الثلاث حكمها كما فهم بالأولى، حتى لو حلق شعر رأسه وشعر بدنه ولاء أو أزال أظفار يديه ورجليه كذلك لزمه فدية واحدة لأنه يعد فعلا واحدا. (والأظهر أن في) إزالة (الشعرة) الواحدة أو الظفر الواحد أو بعض شئ من أحدهما (مد طعام، وفي الشعرتين) أو الظفرين (مدين) لأن تبعيض الدم فيه عسر، والشارع قد عدل الحيوان بالاطعام في جزاء الصيد وغيره. والشعرة الواحدة هي النهاية في القلة، والمد أقل ما وجب في الكفارات فقوبلت الشعرة به. والثاني: في الشعرة درهم وفي الثنتين درهمان، لأن الشاة كانت تقوم في عصره (ص) بثلاثة دراهم، فاعتبرت تلك القيمة عند الحاجة إلى التوزيع. والثالث: في الشعرة ثلث دم وفي الثنتين ثلثا دم، عملا بالتقسيط. ومحل الخلاف المذكور إذا اختار الدم، فإن اختار الصيام ففي الواحدة منهما صوم يوم، وفي الاثنتين صوم يومين، أو الطعام، ففي واحدة صاع وفي اثنتين صاعان، نقل ذلك الأسنوي عن العمراني وغيره، وقال: إنه متعين لا محيد عنه. قال بعضهم: وكلام العمراني إن ظهر على قولنا الواجب ثلث دم لا يظهر على قولنا الواجب مد إذ يرجع حاصله إلى أنه مخير بين المد والصاع، والشخص لا يتخير بين الشئ وبعضه. وجوابه المنع، فإن المسافر مخير بين