بالأولى من مسألة الشك، وهذا هو المعتمد وإن كان مشكلا. ومنه ما لو شك في النهار هل نوى ليلا أم لا ثم جامع في حال الشك ثم تذكر أنه نوى فإنه يبطل صومه ولا كفارة عليه، لأنها تسقط بالشبهة وإن قال الغزي فيه نظر. ومنه ما إذا نوى صوم يوم الشك عن قضاء أو نذر ثم أفسده نهارا بجماع ثم تبين بعد الافساد بالبينة أنه من رمضان، فإنه يصدق أن يقال أفسد صوم يوم من رمضان بجماع أتم به لأجل الصوم، ومع ذلك لا تجب عليه الكفارة، لأنه لم ينوه عن رمضان، فلو أبدل من رمضان بعن لخرجت هذه الصورة لأنه من رمضان لا عن رمضان، ولكن يحتاج أن يزيد أداء لئلا يرد عليه القضاء فإنه عن رمضان وليس من رمضان. ومن الثاني ما لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام فإن الأصح في المجموع أن الصوم لم ينعقد فالجماع لم يفسد صوما، ومع ذلك تجب الكفارة فإن جماعه وإن لم يفسد الصوم فهو في معنى ما يفسده.
فكأنه انعقد ثم فسد، على أن السبكي اختار أنه انعقد ثم فسد، وعلى هذا لا إيراد. وخرج بالمكلف الصبي فلا يلزم بجماعه كفارة على الأصح. ثم شرع في محترز بقية القيود السابقة بقوله: (فلا كفارة على ناس) أو مكره أو جاهل التحريم، فهو محترز قوله بإفساد، لأن صومه لم يفسد بذلك كما مر. ومن نسي النية وأمر بالامساك فجامع لا كفارة عليه قطعا. (ولا) على (مفسد غير رمضان) من نفل أو نذر أو قضاء أو كفارة، وهذا محترز قوله رمضان لأن النص ورد فيه، وهو أفضل الشهور، ومخصوص بفضائل لم يشاركه فيها غيره، فلا يصح قياس غيره عليه. (أو) مفسد رمضان (بغير الجماع) كالأكل والشرب والاستمناء باليد والمباشرة فيما دون الفرج المفضية إلى الانزال. وهذا محترز قوله بجماع لأن النص ورد في الجماع وما عداه ليس في معناه. (ولا) على صائم (مسافر) أو مريض (جامع بنية الترخيص) وهذا محترز قوله أثم به لأنه لم يأثم لوجود القصد مع الإباحة. (وكذا بغيرها) وإن قلنا يأثم به (في الأصح) لأن الافطار مباح له فيصير شبهة في درء الكفارة. والثاني: نلزمه، لأن الرخصة لا تباح بدون قصدها، ألا ترى أن المسافر إذا أخر الظهر إلى العصر إن كان بنية الجمع جمع وإلا فلا؟ وجوابه أن الفطر يحصل بلا نية بدليل غروب الشمس، ولا كذلك تأخير الصلاة. وهذه الصور قد ترد على الضابط لأنه جماع أثم به كما صرح به في التتمة ونقله المحب الطبري في شرح التنبيه عن الأصحاب. (ولا على من ظن) وقت الجماع (الليل) أي بقاءه أو شك فيه أو ظن باجتهاده دخوله.
(فبان) جماعه (نهارا) لانتفاء الاثم. (ولا) على (من جامع) عامدا (بعد الاكل ناسيا وظن أنه أفطر به) أي الاكل، لأنه يعتقد أنه غير صائم. وقوله ناسيا متعلق بالاكل. (وإن كان الأصح بطلان صومه) بهذا الجماع، كما لو جامع على ظن بقاء الليل فبان خلافه. والثاني: لا يبطل، كما لو سلم من ركعتين من رباعية ناسيا وتكلم عامدا فإن صلاته لا تبطل.
وأجاب الأول بأن الصلاة إنما لم تبطل لنص الشارع في الصلاة بعدم البطلان في قصة ذي اليدين، واغتفر ذلك في الصلاة مع أنها أضيق من الصوم لتكررها وكثرة حصول ذلك فيها بخلاف الصوم. أما إذا علم أنه لم يفطر بالاكل ثم جامع فإنه يفطر وتجب عليه الكفارة جزما. (ولا) على (من زنى ناسيا) للصوم لأنه لم يأثم بسبب الصوم، وهذا ذكره الغزالي فتبعه في المحرر، ولا حاجة إليه لأنه داخل في قوله السابق ولا كفارة على ناس. (ولا) على (مسافر أفطر بالزنا مترخصا) بالفطر لأن الفطر جائز له، وإثمه بسبب الزنا لا بالصوم.
تنبيه: قيد في الروضة الجماع بالتام تبعا للغزالي احترازا من المرأة فإنها تفطر به بدخول شئ من الذكر فرجها ولو دون الحشفة. وزيفوه بخروج تلك بالجماع، إذ الفساد فيه بغيره وبأنه يتصور فساد صومها بالجماع بأن يولج فيها نائمة أو ناسية أو مكرهة ثم تستيقظ أو تتذكر وتقدر على الدفع وتستديم، ففساده فيها بالجماع لأن استدامة الجماع جماع مع أنه لا كفارة عليها لأنه لم يؤمر بها في الخبر إلا الرجل المواقع مع الحاجة إلى البيان، ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان