مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٢١
قال: نعم، قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا، صححه ابن حبان والحاكم. والمعنى في ثبوته بالواحد الاحتياط للصوم. (وفي قول) يشترط في ثبوت رؤيته (عدلان) كغيره من الشهور.
قال الأسنوي: وهذا هو مذهب الشافعي رضي الله عنه، فإن المجتهد إذا كان له قولان وعلم المتأخر منهما كان مذهبه المتأخر، ففي الام: قال الشافعي بعد: لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان. ونقل البلقيني مع هذا النص نصا آخر صيغته: رجع الشافعي بعد فقال: لا يصام إلا بشاهدين. ونقل الزركشي عن الصيمري أنه قال: إن صح أن النبي (ص) قبل شهادة الاعرابي وحده أو شهادة ابن عمر قبل الواحد وإلا فلا يقبل أقل من اثنين. وقد صح كل منهما، وعندي أن مذهب الشافعي قبول الواحد، وإنما رجع إلى اثنين بالقياس لما لم يثبت عنده في المسألة سنة فإنه تمسك للواحد بأثر عن علي، ولهذا قال في المختصر: ولو شهد برؤيته عدل واحد رأيت أن أقبله للأثر فيه اه‍. ومنهم من قطع بالأول وهو المعتمد لما ذكر، وعليه لو نذر صوم شهر معين فشهد بهلاله واحد ثبتت الرؤية في الأصح في البحر، وهو المعتمد كما جزم به ابن المقري في روضه. ومحل ثبوت رؤيته بعدل في الصوم، قال الزركشي: وتوابعه كصلاة التراويح والاعتكاف والاحرام بالعمرة المعلقين بدخول رمضان لا في غير ذلك كدين مؤجل ووقوع طلاق وعتق معلقين به. فإن قيل: هلا ثبت ذلك ضمنا كما ثبت شوال بثبوت رمضان بواحد والنسب والإرث بثبوت الولادة بالنساء؟ أجيب بأن الضمني في هذه الأمور لازم للمشهود به بخلاف الطلاق ونحوه، وبأن الشئ إنما يثبت ضمنا إذا كان التابع من جنس المتبوع كالصوم والفطر فإنهما من العبادات، وكالولادة والنسب والإرث فإنها من المال، والآيل إليه بخلاف ما هنا، فإن التابع من المال أو الآيل إليه، والمتبوع من العبادات، هذا كما قال البغوي إن سبق التعليق الشهادة، فلو حكم القاضي بدخول رمضان بشهادة عدل، ثم قال قائل: إن ثبت رمضان فعبدي حر أو زوجتي طالق وقعا، ومحله أيضا كما قال الأسنوي إذا لم يتعلق بالشاهد، فإن تعلق به ثبت لاعترافه به.
فرع: لو شهد برؤية الهلال واحد أو اثنان واقتضى الحساب عدم إمكان رؤيته، قال السبكي: لا تقبل هذه الشهادة لأن الحساب قطعي والشهادة ظنية، والظني لا يعارض القطعي. وأطال في بيان رد هذه الشهادة، والمعتمد قبولها، إذ لا عبرة بقول الحساب كما مر. ورؤيته الهلال نهارا لليلة المستقبلة لا الماضية فلا نفطر إن كان في ثلاثي رمضان ولا نمسك إن كان في ثلاثي شعبان. وأما رؤيته يوم التاسع والعشرين فلم يقل أحد إنها للماضية، أي ولا للمستقبلة كما في شرح الارشاد لابن أبي شريف، لئلا يلزم أن يكون الشهر ثمانية وعشرين لو قيل إنها لليلة الماضية.
(وشرط الواحد صفة العدول في الأصح) المنصوص (لا عبد وامرأة) فليسا من العدول في الشهادة. قال الشارح:
وإطلاق العدول ينصرف إلى الشهادة بخلاف إطلاق العدل فيصدق بها وبالرواية، والمرأة لا تقبل في الشهادة وحدها اه‍.
فاندفع بذلك ما قيل إن قوله: وشرط الواحد صفة العدول بعد قوله: بعدل فيه ركاكة، فإن العدل من كانت فيه صفة العدول، والخلاف مبني على أن الثبوت بالواحد شهادة أو رواية، فلا يثبت بواحد منهما على الأول ويثبت به على الثاني، ويشترط لفظ الشهادة على الأول أيضا، وهي شهادة حسية، وتختص بمجلس القاضي كما جزم به صاحب الأنوار وغيره، ولا تشترط العدالة الباطنة فيه وهي التي يرجع فيها إلى قول المزكين على الأصح في المجموع بل يكتفي بالعدالة الظاهرة، والمراد بذلك المستور وإن كان مشكلا، لأن الصحيح أنها شهادة لا رواية، ولعل الحكمة في ذلك الاحتياط للعبادة.
تنبيه: أشار المصنف بقوله: وثبوت رؤيته إلى أن ذلك بالنسبة إلى عموم الناس. أما وجوبه على الرائي فلا يتوقف على كونه عدلا، فمن رأى هلال رمضان وجب عليه الصوم وإن كان فاسقا، وقالت طائفة، منهم البغوي: يجب الصوم على من أخبره موثوق به بالرؤية إذا اعتقد صدقه، وإن لم يذكره عند القاضي ولم يفرعوه على شئ، ومثله في المجموع بزوجته وجاريته وصديقه، ويكفي في الشهادة: أشهد أني رأيت الهلال كما صرح به الرافعي في صلاة العيد
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532