حرير وغيره، فيجوز تكفين المرأة بالحرير والمزعفر لكن مع الكراهة بخلاف الرجل والخنثى إذا وجد غيرهما، وأما المعصفر فتقدم الكلام فيه في فصل اللباس. وقضية كلامهم جواز تكفين الصبي بالحرير، وهو كذلك كما صرح به المصنف في فتاويه. وإن قال الأذرعي الأوجه المنع، ومثل الصبي المجنون كما مر في فصل اللباس. قال الأذرعي: والظاهر في الشهيد أنه يكفن به إذا قتل وهو لابسه بشرطه، أي بأن يحتاج إليه للحرب. ولا يكفن الميت في متنجس نجاسة لا يعفى عنها وهناك طاهر وإن جاز له لبسه خارج الصلاة ولو كان الطاهر حريرا كما اعتمده شيخي قال: لأن الميت كالمصلي، وإن قال البغوي والقمولي إن النجس يقدم عليه. ولا يكفي التطيين مع وجود غيره ولو حشيشا كما صرح به الجرجاني، وإن كان يكفي في السترة في الحياة لما في ذلك من الازدراء بالميت. ويجوز تكفين المحدة فيما حرم عليها لبسه في حال الحياة كما قاله المتولي، وهو قياس ما تقدم في إباحة الطيب لها. (وأقله ثوب) واحد وهو ما يستر العورة أو جميع البدن إلا رأس المحرم. ووجه المحرمة وجهان أصحهما في الروضة والمجموع والشرح الصغير الأول، فيختلف قدرة بالذكورة والأنوثة كما صرح به الرافعي، لا بالرق والحرية كما اقتضاه كلامهم وهو الظاهر في الكفاية، وصحح المصنف في مناسكه الثاني، واختار ابن المقري في شرح إرشاده ك الأذرعي تبعا لجمهور الخراسانيين، وجمع بينها في روضه فقال: وأقله ثوب يعم البدن، والواجب ستر العورة، فحمل الأول على أنه حق لله تعالى والثاني على أنه حق للميت، وهو جمع حسن. (ولا تنفذ) بالتشديد (وصيته بإسقاطه) أي الثوب على الأول لأنه حق لله تعالى بخلافه على الثاني والثالث. ولو أوصى بساتر العورة فقط ففي المجموع عن التقريب والامام و الغزالي وغيرهم: لم تصح وصيته، ويجب تكفينه بما يستر جميع بدنه اه.
وهل ذلك مبني على الأول أو على الثاني؟ قال الأسنوي: وهذا بناء على ما رجحه من أن الواجب ستر جميع البدن، وتبعه على ذلك كثير من الشراح. والظاهر كما قال شيخي أن هذا ليس مبنيا عليه بل إنما هو لعدم صحة الوصية لأن الوصية به مكروهة والوصية بالمكروه لا تنفذ، ولو لم يوص فقال بعض الورثة: يكفن بثوب يستر جميع البدن أو ثلاثة، وقال بعضهم: بساتر العورة فقط، وقلنا بجوازه، كفن بثوب أو ثلاثة، ذكره في المجموع، أي لأنه حق للميت. ولو قال بعضهم: يكفن بثوب، وبعضهم: بثلاثة، كفن بها لما تقدم، وقيل: بثوب. ولو اتفقوا على ثوب ففي التهذيب يجوز، وفي التتمة أنه على الخلاف، قال المصنف: وهو أقيس، أي فيجب أن يكفن بثلاثة. ولو كان عليه دين مستغرق فقال الغرماء يكفن في ثوب والورثة في ثلاثة، أجيب بالغرماء في الأصح لأنه إلى براءة ذمته أحوج منه إلى زيادة الستر.
قال في المجموع: ولو قال الغرماء: يكفن بساتر العورة، والورثة: بساتر جميع البدن، نقل صاحب الحاوي وغيره الاتفاق على ساتر جميع البدن، ولو اتفقت الغرماء والورثة على ثلاثة جاز بلا خلاف. وحاصله أن الكفن بالنسبة لحق الله تعالى ستر العورة فقط، وبالنسبة للغرماء ساتر جميع بدنه، وبالنسبة للورثة ثلاثة، فليس للوارث المنع منها تقديما لحق المالك. وفارق الغريم بأن حقه سابق وبأن منفعة صرف المال له تعود إلى الميت بخلاف الوارث فيهما، هذا إذا كفن من تركته، أما إذا كفن من غيرها فلا يلزم من يجهزه من قريب وسيد وزوج وبيت مال إلا ثوب واحد ساتر لجميع بدنه، بل لا تجوز الزيادة عليه من بيت المال كما يعلم من كلام الروضة، وكذا إذا كفن مما وقف للتكفين كما أفتى به ابن الصباغ قال:
ويكون سابغا ولا يعطى القطن والحنوط فإنه من قبيل الأمور المستحبة التي لا تعطى على الأظهر. وظاهر قوله: ويكون سابغا أنه يعطي ثوبا ساترا للبدن وإن قلنا الواجب ستر العورة، وهو كذلك لأن الزائد عليها حق للميت كما مر. (والأفضل للرجل) أي الذكر بالغا كان أو صبيا أو محرما، (ثلاثة) لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: كفن رسول الله (ص) في ثلاثة أثواب بيض سحولية (من كرسف) ليس فيها قميص ولا عمامة رواه الشيخان، وسحول بلد باليمن، ولا ينافي هذا ما تقدم من أن الثلاثة واجبة من التركة لأنها وإن كانت واجبة فالاقتصار عليها أفضل من الزائد عليها، ولذا قال:
(ويجوز) بلا كراهة (رابع وخامس) لأن ابن عمر كفن ابنا له في خمسة أثواب: قميص وعمامة وثلاث لفائف، كما رواه البيهقي. وأما الزيادة على ذلك فهي مكروهة وإن أشعر كلام المصنف بحرمتها وبحثه في المجموع، لكن محله