وأوسعها) وأطولها، (والثانية) وهي التي تلي الأولى في ذلك (فوقها، وكذا الثالثة) فوق الثانية، لأن الحي يجعل أحسن ثيابه أعلاها، فلهذا بسط الأحسن أولا لأنه الذي يعلو على كل الكفن. وأما كونه أوسع فلامكان لفه على الضيق بخلاف العكس. (ويذر) بالمعجمة في غير المحرم، (على كل واحدة) من اللفائف قبل وضع الأخرى، (حنوط) بفتح الحاء، ويقال له الحناط بكسرها، وهو نوع من الطيب يجعل للميت خاصة يشتمل على الكافور والصندل وذريرة القصب، قاله الأزهري، وقال غيره: هو كل طيب خلط للميت. (وكافور) هو من عطف الجزء على الكل لأنه حينئذ الجزء الأعظم من الطيب لتأكد أمره، ولان المراد زيادته على ما يجعل في أصول الحنوط. ونص الامام وغيره على استحباب الاكثار منه فيه، بل قال الشافعي: ويستحب أن يطيب جميع بدنه بالكافور لأنه يقويه ويشده، ولو كفن في خمسة جعل بين كل ثوبين حنوط كما في المجموع. (ويوضع الميت فوقها) أي اللفائف برفق، (مستلقيا) على قفاه، وهل تجعل يداه على صدره اليمنى على اليسرى أو يرسلان في جنبه؟ لا نقل في ذلك، فكل من ذلك حسن محصل للغرض.
(وعليه حنوط وكافور) لأن ذلك يدفع الهوام ويشد البدن ويقويه كما مر. ويسن تبخير الكفن بنحو عود أولا.
(ويشد ألياه) بخرقة بعد دس قطن حليج عليه حنوط وكافور بين ألييه حتى يصل لحلقة الدبر فيسدها، ويكره إيصاله داخل الحلقة، وتكون الخرقة مشقوقة الطرفين، وتجعل على الهيئة المتقدمة في المستحاضة. (ويجعل على منافذ بدنه) من أذنيه ومنخريه وعينيه، وعلى أعضاء سجوده كجبهته وقدميه (قطن) عليه حنوط وكافور ليخفى ما عساه أن يخرج منها ويدفع عنه الهوام. (ويلف عليه) بعد ذلك (اللفائف) بأن يثنى الطرف الأيسر ثم الأيمن كما يفعل الحي بالقباء، ويجمع الفاضل عند رأسه ورجليه، ويكون الذي عند رأسه أكثر. (وتشد) عليه اللفائف بشداد لئلا تنتشر عند الحمل إلا إن كان محرما كما في تحرير الجرجاني لأنه شبيه بعقد الإزار، ولا يجوز أن يكتب عليها شئ من القرآن، ولا أن يكرى للميت من الثياب ما فيه زينة كما في فتاوى ابن الصلاح. (فإذا وضع) الميت (في قبره نزع الشداد) لزوال المقتضى. لأنه يكره أن يكون عليه في القبر شئ معقود كما نص عليه. (ولا يلبس المحرم الذكر مخيطا) ولا ما في معناه مما يحرم على المحرم لبسه، (ولا يستر رأسه ولا وجه المحرمة) أي يحرم ذلك إبقاء لاثر الاحرام، وتقدم أن الكلام فيما قبل التحلل الأول، أما بعده فلا. قال في المجموع: ولو نبش القبر وأخذ كفنه ففي التتمة يجب تكفينه ثانيا سواء أكان كفن من ماله أم من مال من عليه نفقته أم من بيت المال، لأن العلة في المرة الأولى الحاجة وهي موجودة.
وفي الحاوي: إذا كفن من ماله وقسمت التركة ثم سرق كفنه استحب للورثة أن يكفنوه ثانيا ولا يلزمهم، لأنه لو لزمهم ثانيا للزمهم إلى ما لا يتناهى اه. وهذا أوجه. ولا يسن أن يعد لنفسه كفنا لئلا يحاسب على اتخاذه إلا أن يكون من جهة حل أو أثر ذي صلاح فحسن، وقد صح عن بعض الصحابة فعله، لكن لا يجب تكفينه فيه كما اقتضاه كلام القاضي أبي الطيب وغيره، وقال الزركشي: إنه المتجه، بل للوارث إبداله وإن اقتضى كلام الرافعي المنع. ولا يكره أن يعد لنفسه قبرا يدفن فيه، قال العبادي: ولا يصير أحق به ما دام حيا. ثم شرع في كيفية حمل الميت، وليس في حمله دناءة ولا سقوط مروءة بل هو بر وإكرام للميت فقد فعله بعض الصحابة والتابعين، فقال: (وحمل الجنازة بين العمودين أفضل من التربيع في الأصح) لحمل سعد بن أبي وقاص عبد الرحمن بن عوف وحمل النبي (ص) سعد بن معاذ، رواهما الشافعي في الام، الأول بسند صحيح والثاني بسند ضعيف. والثاني: التربيع أفضل لأنه أصون للميت، بل حكي وجوبه لأن ما دونه ازدراء بالميت. والثالث: هما سواء لحصول المقصود بكل منهما، هذا إذا أراد الاقتصار على كيفية واحدة،