يغطي وجهه بخرقة من أول ما يضعه على المغتسل، وقد ذكره المزني عن الشافعي، والأولى أن يكون (بماء بارد) لأنه يشد البدن، والسخن يرخيه إلا أن يحتاج إلى السخن لوسخ أو برد أو نحوه فيسخن قليلا، ولا يبالغ في تسخينه لئلا يسرع إليه الفساد. قال الزركشي: واستحب الصيمري والماوردي كونه مالحا على كونه عذبا، وقال أيضا: ولا ينبغي أن يغسل الميت بماء زمزم للخلاف في نجاسته بالموت. ويكون الماء في إناء كبير، ويبعد به عن المغتسل بحيث لا يصيبه رشاش الماء عند الغسل. (ويجلسه الغاسل على المغتسل) برفق (مائلا إلى ورائه) قليلا ليسهل خروج ما في بطنه، (ويضع يمينه على كتفه وإبهامه في نقرة قفاه) لئلا يميل رأسه. والقفا مقصور، وجوز الفراء مده، وهو مؤخر العنق. (ويسند ظهره إلى ركبته اليمنى) لئلا يسقط، (ويمر يساره على بطنه إمرارا بليغا ليخرج ما فيه) من الفضلات خشية من خروجها بعد الغسل أو بعد التكفين فيفسد بدنه أو كفنه. قال الماوردي: بليغا بالتكرار لا في شدة الاجتهاد بحيث لا يؤدي إلى هتك الميت لأن احترامه واجب. ويكون عنده حينئذ مجمرة متقدمة فائحة بالطيب، كالعود والمعين يصب عليه ماء كثيرا لئلا تظهر رائحة ما يخرج منه. ويسن أيضا أن يبخر عند الميت من حين الموت، لأنه ربما ظهر منه شئ فتغلبه رائحة البخور. (ثم يضجعه لقفاه) أي مستلقيا كما كان أولا، (ويغسل بيساره وعليها خرقة) ملفوفة بها (سوأتيه) أي قبله ودبره وكذا ما حولهما كما يستنجي الحي بعد قضاء الحاجة (ثم يلف) خرقة (أخرى) على يده اليسرى بعد إلقاء الأولى، وغسل يده بماء وأشنان أو نحوه إن تلوثت كما قاله الرافعي. وفي النهاية والوسيط:
يغسل كل مرة بخرقة، ولا شك أنه أبلغ في النظافة. (ويدخل أصبعه) السبابة من يسراه كما بحثه شيخنا مبلولة بماء، (فمه ويمرها على أسنانه) بشئ من الماء كما يستاك الحي. فإن قيل: الحي يستاك باليمين فلم خولف في هذا؟ أجيب بأن القذر ثم لا يتصل باليد بخلافه هنا، وبأن الميت قيل بنجاسته ففعل به ذلك للخروج من الخلاف. ولا يفتح أسنانه إذا كانت متراصة لخوف سبق الماء إلى جوفه فيسرع فساده. (ويزيل) بأصبعه الخنصر مبلولة بماء (ما في منخريه) بفتح الميم أشهر من كسرها، وبكسر الخاء، (من أذى) كما في مضمضة الحي واستنشاقه. (ويوضئه) بعد ما تقدم (كالحي) ثلاثا ثلاثا بمضمضة واستنشاق قليلا، ويميل رأسه فيهما. وقيل: يستغنى عنهما بما تقدم لئلا يصل الماء باطنه. قال في المجموع: ويتبع بعود لين ما تحت أظفاره. (ثم يغسل رأسه ثم لحيته بسدر ونحوه) كخطمي، والسدر أولى لأنه أمسك للبدن وأقوى للجسد وللنص عليه في الخبر. (ويسرحهما) أي شعر رأسه ولحيته إن تلبد (بمشط) بضم أوله وكسرها مع إسكان الشين وبضمها مع الميم لإزالة ما فيهما من سدر ووسخ كما في الحي، (واسع الأسنان) لئلا ينتتف الشعر، (برفق) لئلا ينتتف شئ أو يقل الانتتاف. (ويرد المنتتف إليه) ندبا بأن يضعه في كفنه ليدفن معه إكراما له، وقيل: يجعل وسط شعره. وأما دفنه فسيأتي إن شاء الله تعالى. (ويغسل) بعدما سبق (شقه الأيمن) مما يلي الوجه من عنقه إلى قدمه، (ثم الأيسر) كذلك، (ثم يحرفه إلى شقه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي القفا والظهر) من كتفه (إلى القدم ثم يحرفه إلى شقه الأيمن فيغسل الأيسر كذلك) أي مما يلي قفاه وظهره من كتفه إلى القدم، وقيل: يغسل شقه الأيمن من مقدمه ثم من ظهره، ثم يغسل شقه الأيسر من مقدمه ثم من ظهره، وكل سائغ