وللاتباع، روى مسلم: أنه (ص) حسر عن ثوبه حتى أصابه المطر، وقال: إنه حديث عهد بربه أي بخلقه وتنزيله، بل يسن عند أول كل مطر، كما قال الزركشي لظاهر خبر رواه الحاكم، ولكنه في الأول آكد. (وأن يغتسل أو يتوضأ في) ماء (السيل) لما روى الشافعي رضي الله تعالى عنه في الام، لكن بإسناد منقطع: أنه (ص) كان إذا سال السيل قال: اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر به ونحمد الله عليه والتعبير بأو يفيد استحباب أحدهما بالمنطوق، وكليهما بمفهوم الأول فهو أفضل كما جزم به في المجموع، فقال: يستحب أن يتوضأ منه ويغتسل فإن لم يجمعهما فليتوضأ. والمتجه كما في المهمات الجمع، ثم الاقتصار على الغسل، ثم على الوضوء. والغسل والوضوء لا تشترط فيهما النية، وإن قال الأسنوي فيه نظر إلا أن يصادف وقت وضوء أو غسل، لأن الحكمة فيه هي الحكمة في كشف البدن لينال أول مطر السنة وبركته. (ويسبح عند الرعد والبرق) فيقول: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، كما رواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن الزبير. وقيس بالرعد البرق، والمناسب أن يقول عنده:
سبحان من * (يريكم البرق خوفا وطمعا) *. ونقل الشافعي رضي الله تعالى عنه في الام عن الثقة عن مجاهد: أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق بها السحاب. وعلى هذا المسموع صوته أو صوت سوقه على اختلاف فيه. وإطلاق ذلك على الرعد مجاز، ولا عبرة بقول الفلسفي: الرعد صوت اصطكاك أجرام السحاب، والبرق ما ينقدح من اصطكاكها. وروي أنه (ص) قال: بعث الله السحاب فنطقت أحسن النطق وضحكت أحسن الضحك، فالرعد نطقها والبرق ضحكها. (و) أن (لا يتبع بصره البرق) لأن السلف الصالح كانوا يكرهون الإشارة إلى الرعد والبرق ويقولون عند ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له سبوح قدوس. قال الماوردي: فيختار الاقتداء بهم في ذلك. (و) أن (يقول عند) نزول (المطر) كما في البخاري: (اللهم صيبا) بصاد مهملة وتشديد المثناة التحتية، أي مطرا شديدا، (نافعا) وفي رواية لابن ماجة:
سيبا بفتح السين وسكون الياء، أي عطاء نافعا، وفي رواية لأبي داود وابن ماجة: صبيا هنيئا، فيستحب الجمع بين الروايات الثلاث، ويكرر ذلك مرتين أو ثلاثا. (و) أن (يدعو بما شاء) لما روى البيهقي: أن الدعاء يستجاب في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف ونزول الغيث وإقامة الصلاة ورؤية الكعبة. (و) أن يقول (بعده) أي بعد المطر أي في أثره كما عبر به في المجموع عن الشافعي والأصحاب، وليس المراد بعد انقطاعه كما هو ظاهر كلام المتن. (مطرنا بفضل الله) علينا. (ورحمته) لنا. (ويكره) قول (مطرنا بنوء كذا) بفتح نونه وهمز آخره: أي بوقت النجم الفلاني، على عادة العرب في إضافة الأمطار إلى الأنواء، لايهامه أن النوء ممطر حقيقة، فإن اعتقد أنه الفاعل له حقيقة كفر، وعليه يحمل ما في الصحيحين حكاية عن الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب، ومن قال مطرنا بنوء كذا فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب وأفاد تعليق الحكم بالباء أنه لو قال مطرنا في نوء كذا لم يكره، وهو كما قال شيخنا ظاهر. ويستثنى من إطلاقه ما نقله الشافعي عن بعض أصحابه أنه كان يقول عند المطر: مطرنا بنوء الفتح، ثم يقرأ: * (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها) *. (و) يكره (سب الريح) وتجمع على رياح وأرواح، بل يسن الدعاء عندها لخبر: الريح من روح الله - أي رحمته - تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن. (ولو تضرروا بكثرة المطر) وهي ضد القلة، قال المصنف في التحرير: بفتح الكاف وكسرها. قال في المحكم:
وبضمها. (فالسنة أن يسألوا الله تعالى رفعه) بأن يقولوا كما قال (ص) لما شكى إليه ذلك: (اللهم) اجعل المطر (حوالينا) في الأودية والمراعي (ولا) تجعله (علينا) في الأبنية والبيوت، اللهم على الآكام والظراب