والوالد والمسافر. ويلزمهم امتثال أمره كما أفتى به المصنف، وسبقه إلى ذلك ابن عبد السلام لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله) * الآية. قال الأسنوي: والقياس طرده في جميع المأمور به هنا اه. ويدل له قولهم في باب الإمامة العظمى:
تجب طاعة الامام في أمره ونهيه ما لم يخالف حكم الشرع. واختار الأذرعي عدم وجوب الصوم كما لو أمرهم بالعتق وصدقة التطوع. قال الغزي: وفي القياس نظر لأن ذلك إخراج مال، وقد قالوا: إذا أمرهم بالاستسقاء في الجدب وجبت طاعته فيقاس الصوم على الصلاة، فيؤخذ من كلامهما أن الامر بالعتق والصدقة لا يجب امتثاله، وهذا هو الظاهر وإن كان كلامهم في الإمامة شاملا لذلك، إذ نفس وجوب الصوم منازع فيه، فما بالك بإخراج المال الشاق على أكثر الناس وإذا قيل بوجوب الصوم، قال الأسنوي: يشترط التبييت له حينئذ. قال الغزي: ويحسن تخريج وجوب النية على صوم الصبي رمضان أو على صوم النذر اه، ويؤخذ من ذلك وجوب التبييت إذ لا يصح صوم من ذكر بغير تبييت، وهذا هو الظاهر، وإن اختار الأذرعي عدم الوجوب وقال: يبعد عدم صحة صوم من لم ينو ليلا كل البعد. ويأمرهم أيضا بالصلح بين المتشاحنين (والتوبة) بالاقلاع عن المعاصي والندم عليها والعزم على عدم العود إليها، (والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر) من عتق وصدقة وغيرهما لأن ذلك أرجى للإجابة، قال تعالى: * (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) * * (يرسل السماء عليكم مدرارا) *، وقال: * (إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي) * الآية. (والخروج من المظالم) المتعلقة بالعبادة في الدم والعرض والمال، لأن ذلك أقرب إلى الإجابة. وقد يكون منع الغيث بترك ذلك، فقد روى الحاكم والبيهقي: ولا منع قوم الزكاة إلا حبس عنهم المطر، وقال عبد الله بن مسعود: إذا بخس الناس المكيال منعوا قطر السماء. وقال مجاهد وعكرمة في قوله تعالى:
* (ويلعنهم اللاعنون) * تلعنهم دواب الأرض تقول: منع المطر بخطاياهم. والتوبة من الذنب واجبة على الفور أمر بها الامام أم لا. وظاهر أن الخروج من المظالم داخل فيها، بل كل منهما داخل في التقرب إلى الله تعالى بوجوه البر، لكن لعظم أمرهما وكونهما أرجى للإجابة أفردا بالذكر فهما من عطف خاص على عام. (ويخرجون) أي الناس مع الامام (إلى الصحراء) بلا عذر تأسيا به (ص)، ولان الناس يكثرون فلا يسعهم المسجد غالبا، وعبارة الأكثرين تبعا للنص: إلى مصلى العيدين، وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين مكة وغيرها وإن استثنى بعضهم مكة وبيت المقدس لفضل البقعة وسعتها، لأنا مأمورون بإحضار الصبيان ومأمورون بأنا نجنبهم المساجد. (في الرابع) من صيامهم (صياما) لحديث: ثلاثة لا ترد دعوتهم المتقدم، وينبغي للخارج أن يخفف أكله وشربه تلك الليلة ما أمكن. فإن قيل: لم لم يسن فطر يوم الخروج ليقوى على الدعاء كما يسن للحاج فطر يوم عرفة لذلك؟ أجيب بأن الحاج يجتمع عليه مشقة الصوم والسفر، وبأن محل الدعاء تم آخر النهار، والمشقة المذكورة مضعفة حينئذ، بخلافه هنا. فإن قيل: قضيته أنهم لو كانوا هنا مسافرين وصلوا آخر النهار أن لا صوم عليهم. أجيب بأن الامام لما أمر به صار واجبا، نعم إن تضرروا بذلك لا وجوب عليهم لأن الامر به حينئذ غير مطلوب لكون الفطر أفضل، ويخرجون غير متطيبين ولا متزينين بل (في ثياب بذلة) بكسر الموحدة وسكون المعجمة: أي مهنة، وهي من إضافة الموصوف إلى صفته، أي ما يلبس من الثياب في وقت الشغل، ومباشرة الخدمة وتصرف الانسان في بيته.
(و) في (تخشع) وهو حضور القلب وسكون الجوارح، ويراد به أيضا التذلل. وقد علم بما قدرته أن تخشع معطوف على ثياب لا على بذلة كما قيل لأنه حينئذ لم يكن فيه تعرض لصفتهم في أنفسهم وهي المقصودة التي ثياب البذلة وصلة لها. ويسن لهم التواضع في كلامهم ومشيهم وجلوسهم للاتباع، رواه الترمذي وقال حسن صحيح. ويتنظفون بالسواك، وقطع الروائح الكريهة وبالغسل. ويخرجون من طريق ويرجعون في آخر مشاة في ذهابهم إن لم يشق عليهم، لا حفاة مكشوفين الرؤوس وقول المتولي: لو خرج، أي الامام أو غيره، حافيا مكشوف الرأس لم يكره لما فيه من إظهار التواضع، بعيد كما قاله الشاشي والأذرعي. (ويخرجون) معهم ندبا (الصبيان والشيوخ) والعجائز ومن لا هيئة لها من النساء والخنثى القبيح المنظر