والسنن فيأتي فيها هنا ما مر في خطبة العيد، وإنما تسن الخطبة للجماعة ولو مسافرين بخلاف المنفرد. وعلم من كلامه أنه لا يكبر في الخطبة. وهو كذلك لعدم وروده، وأنه لا تجزئ خطبة واحدة وهو كذلك للاتباع. وما فهمه ابن الرفعة من كلام حكاه البندنيجي عن البويطي وتبعه عليه جماعة مردود كما نبه عليه جماعة بأن عبارة البويطي لا تفهم ذلك. (ويحث) فيهما السامعين (على التوبة من) الذنوب (و) على فعل (الخير) كصدقة ودعاء واستغفار وعتق للامر بذلك في البخاري وغيره، ويحذرهم الاغترار والغفلة، ويذكر في كل وقت من الحث والزجر ما يناسبه. ويستثنى من استحباب الخطبة كما قاله الأذرعي أنه إذا صلى الكسوف ببلد وكان به وال لا يخطب الامام إلا إذا كان بأمر الوالي وإلا فيكره، وذكر مثله في صلاة الاستسقاء. وتقدم في الجمعة أنه يسن الغسل لصلاة الكسوف، وأما التنظف بحلق الشعر وقلم الظفر فلا يسن لها كما صرح به بعض فقهاء اليمن فإنه يضيق الوقت. ويظهر أنه يخرج في ثياب بذلة قياسا على الاستسقاء لأنه اللائق بالحال، ولم أر من تعرض له. (ومن أدرك) الامام (في ركوع أول) من الركعة الأولى أو الثانية (أدرك الركعة) كما في سائر الصلوات، (أو) أدركه (في) ركوع (ثان أو) في (قيام ثان) من أي ركعة (فلا) يدرك الركعة، أي شيئا منها كما عبر به في المحرر، (في الأظهر) لأن الأصل هو الركوع الأول، وقيامه وركوع الثاني وقيامه في حكم التابع، وعبر في الروضة بالمذهب، ولقول الثاني يدرك ما لحق به الامام، ويدرك بالركوع القومة التي قبله، فإذا كان ذلك في الركعة الأولى وسلم الامام قام هو وقرأ وركع واعتدل وجلس وتشهد وسلم أو في الثانية وسلم الامام قام وقرأ وركع ثم أتى بالركعة الثانية بركوعها. ولا يفهم هذا المقابل من إطلاق المتن، بل يفهم منه أنه يدرك الركعة بكمالها، وليس مرادا إذ لا خلاف أنه يدرك الركعة بجملتها، ويندفع هذا بما قدرته تبعا للمحرر. وضعف هذا القول الثاني بأن الاتيان فيه بقيام وركوع من غير سجود مخالف لنظم الصلاة. (وتفوت صلاة) كسوف (الشمس بالانجلاء) لجميع المنكسف من كلها أو بعضها يقينا، لخبر: إذا رأيتم ذلك - أي الكسوف - فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف ما بكم فدل على عدم الصلاة بعد ذلك، ولان المقصود بالصلاة قد حصل بخلاف الخطبة فإنها لا تفوت إذ القصد بها الوعظ وهو لا يفوت بذلك، فلو انجلى بعض ما كسف كان له الشروع في الصلاة للباقي كما لو لم يكسف منها إلا ذلك القدر. ولو انجلى الجميع وهو في أثناء الصلاة أتمها سواء أدرك ركعة أم دونها إلا أنها لا توصف بأداء ولا قضاء. ولو حال سحاب وشك في الانجلاء أو الكسوف لم يؤثر، قال ابن عبد السلام: ولو شرع فيها ظانا بقاءه ثم تبين أنه كان انجلى قبل تحرمه بها بطلت. ولا تنعقد نفلا على قول، إذ ليس لنا نفل على هيئة صلاة الكسوف فتندرج في نيته، ولو قال المنجمون انجلت أو انكسفت لم نعتبرهم فنصلي في الأول لأن الأصل بقاء الكسوف دون الثاني، لأن الأصل عدمه، وقول المنجمين تخمين لا يفيد اليقين.
(و) تفوت أيضا (بغروبها كاسفة) لأن الانتفاع بها يبطل بغروبها نيرة أو مكسوفة لزوال سلطانها، (و) تفوت أيضا صلاة كسوف (القمر بالانجلاء) لحصول المقصود (وطلوع الشمس) وهو منخسف لعدم الانتفاع حينئذ بضوئه، (لا) بطلوع (الفجر) فلا تفوت صلاة خسوفه (في الجديد) لبقاء ظلمة الليل والانتفاع به، وعلى هذا لا يضر طلوع الشمس في صلاته كالانجلاء. والقديم: تفوت لذهاب الليل وهو سلطانه. (ولا) تفوت صلاته أيضا (بغروبه) أي القمر (خاسفا) لبقاء محل سلطنته وهو الليل، فغروبه كغيبوبته تحت السحاب خاسفا. فإن قيل: قال ابن الأستاذ: قد اتفق عليه الأئمة وهو مشكل لأنه قد تم سلطانه في هذه الليلة. أجيب بأنا لا ننظر إلى ليلة بخصوصها، بل ننظر إلى سلطانه وهو الليل وما ألحق به كما أنا ننظر إلى سلطان الشمس وهو النهار، ولا ننظر فيه إلى غيم ولا إلى غيره. (ولو اجتمع) عليه صلاتان فأكثر ولا يؤمن الفوات قدم الأخوف فواتا ثم الآكد، فعلى هذا لو اجتمع عليه (كسوف وجمعة أو فرض آخر)