كما قاله بعض المتأخرين، لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة إذ الكبير أرق قلبا والصغير لا ذنب عليه، ولقوله (ص):
وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم رواه البخاري، وروي بسند ضعيف: لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ونظم بعضهم ذلك فقال:
لولا عباد للاله ركع * وصبية من اليتامى رضع ومهملات في الفلاة رتع * صب عليكم العذاب الأوجع والمراد بالركع الذين انحنت ظهورهم من الكبر، وقيل من العبادة، ولو احتيج في حمل الصبيان ونحوهم إلى مؤنة حسبت من مالهم كما يؤخذ من كلام الأسنوي لأن الجدب عمهم. ويسن إخراج الأرقاء بإذن ساداتهم، (وكذا البهائم) يسن إخراجها (في الأصح) لأن الجدب قد أصابها أيضا، وفي الحديث: أن نبيا من الأنبياء خرج يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء، فقال: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن النملة رواه الدارقطني والحاكم وقال صحيح الاسناد، وفي البيان وغيره أن هذا النبي هو سليمان عليه الصلاة والسلام، وأن النملة وقعت على ظهرها ورفعت يديها، وقالت: اللهم أنت خلقتنا فإن رزقتنا وإلا فأهلكنا. قال: وروي أنها قالت: اللهم إنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم. والثاني: لا يسن إخراجها ولا يكره لأنه لم ينقل. والثالث: يكره إخراجها، ونقله في المجموع عن الجمهور لأن فيه إتعابها واشتغال الناس بها وبأصواتها، والثاني: عن نص الام مع تصحيحه ك الرافعي وغيره الأول، أي وهو المعتمد. وتقف معزولة عن الناس، ويفرق بين الأمهات والأولاد حتى تكثر الصياح والضجة والرقة فيكون أقرب إلى الإجابة، نقله الأذرعي عن جمع المراوزة وأقره. (ولا يمنع أهل الذمة الحضور) لأنهم يسترزقون، وفضل الله واسع، وقد يجيبهم استدراجا وطمعا في الدنيا، قال تعالى: * (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) *. (ولا يختلطون) أهل الذمة ولا غيرهم من سائر الكفار (بنا) في مصلانا ولا عند الخروج، أي يكره ذلك، بل يتميزون عنا في مكان لأنهم أعداء الله تعالى إذ قد يحل بهم عذاب بكفرهم فيصيبنا، قال تعالى: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) *.
ولا يجوز أن يؤمن على دعائهم كما قاله الروياني لأن دعاء الكافر غير مقبول. ومنهم من قال: يستجاب لهم كما استجيب دعاء إبليس بالانظار. وقد يقال: لم يستجب له لأنه طلب الانظار إلى يوم البعث فلم يجب إلى ذلك، وإنما أنظره الله تعالى إلى يوم الوقت المعلوم. ويكره إخراجهم للاستسقاء لأنهم ربما كانوا سبب القحط، وفي الروضة: يكره أيضا خروجهم. قال الشافعي: لكن ينبغي للامام أن يحرص على أن يكون خروجهم في غير يوم خروجنا لئلا تقع المساواة والمضاهاة في ذلك اه. فإن قيل: قد يخرجون وحدهم فيسقون فيظن ضعفة المسلمين بهم خيرا. أجيب بأن خروجهم معنا فيه مفسدة محققة فقدمت على المفسدة المتوهمة، قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في الجامع الكبير: ولا أكره من إخراج صبيانهم ما أكره من خروج كبارهم لأن ذنوبهم أقل، لكن يكره لكفرهم. قال المصنف: وهذا يقتضي كفر أطفال الكفار. وقد اختلف العلماء فيهم إذا ماتوا، فقال الأكثر: إنهم في النار، وطائفة: لا نعلم حكمهم، والمحققون:
إنهم في الجنة، وهو الصحيح المختار لأنهم غير مكلفين وولدوا على الفطرة. وتحرير هذا كما قال شيخنا وغيره أنهم في أحكام الدنيا كفار، أي فلا نصلي عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين وفي الآخرة مسلمون فيدخلون الجنة. ويسن لكل واحد ممن يستسقي أن يستشفع بما فعله من خير بأن يذكره في نفسه فيجعله شافعا لأن ذلك لائق بالشدائد كما في خبر الثلاثة الذين أووا في الغار، وأن يستشفع بأهل الصلاح، لأن دعاءهم أرجى للإجابة، لا سيما أقارب النبي (ص) كما استشفع عمر رضي الله تعالى عنه بالعباس رضي الله تعالى عنه عم النبي (ص) فقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا إليك بنبينا محمد فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون، رواه البخاري. (وهي ركعتان) للاتباع رواه الشيخان، (كالعيد) أي كصلاته في كيفيتها من التكبير بعد الافتتاح قبل التعوذ والقراءة سبعا في الأولى وخمسا في الثانية يرفع يديه ووقوفه بين كل تكبيرتين كآية معتدلة، والقراءة في الأولى جهرا بسورة ق، وفي الثانية اقتربت في