من الثقات، ولأنها ذات ركوع وسجود ولا أذان لها كصلاة الاستسقاء. وإنما لم تجب لخبر الصحيحين: هل علي غيرها؟ أي الخمس، قال: لا، إلا أن تطوع. وحملوا قول الشافعي في الام لا يجوز تركها على كراهته لتأكدها ليوافق كلامه في مواضع أخر، والمكروه قد يوصف بعدم الجواز من جهة إطلاق الجائز على مستوى الطرفين. وأقل كيفيتها ما ذكر بقوله: (فيحرم بنية صلاة الكسوف) وهذه النية قد سبقت في قول المتن في صفة الصلاة إن النفل ذا السبب لا بد من تعيينه فهي مكررة، ولهذا أهمل النية في العيد والاستسقاء إلا أنها ذكرت هنا لبيان أقل صلاة الكسوف.
(ويقرأ) بعد الافتتاح والتعوذ (الفاتحة ويركع ثم يرفع) رأسه من الركوع ثم يعتدل، (ثم يقرأ الفاتحة) ثانيا (ثم يركع) ثانيا، أقصر من الذي قبله، (ثم يعتدل) ثانيا ويقول في الاعتدال عن الركوع الأول والثاني: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد كما في الروضة كأصلها، زاد في المجموع: حمدا طيبا إلخ. وقال الماوردي: لا يقول ذلك في الرفع الأول، بل يرفع مكبرا لأنه ليس اعتدالا، ولعل تعبير المصنف أولا بالرفع وثانيا بالاعتدال فيه ميل إلى هذا لأن الرفع من الركوع الأول لا يسمى اعتدالا، والراجح الأول. (ثم يسجد) السجدتين ويأتي بالطمأنينة في محالها. (فهذه ركعة، ثم يصلي) ركعة (ثانية كذلك) للاتباع رواه الشيخان من غير تصريح بقراءة الفاتحة. وقولهم إن هذا أقلها أي إذا شرع فيها بنية هذه الزيادة، وإلا ففي المجموع عن مقتضى كلام الأصحاب أنه لو صلاها كسنة الظهر صحت وكان تاركا للأفضل أو يحمل على أنه أقل الكمال. (ولا يجوز زيادة ركوع ثالث) فأكثر (لتمادي) أي طول مكث (الكسوف، ولا) يجوز (نقصه) أي نقص ركوع، أي إسقاطه من الركوعين المنويين، (للانجلاء في الأصح) كسائر الصلوات لا يزاد على أركانها ولا ينقص منها. والثاني: يزاد وينقص. أما الزيادة فلانه عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات رواه مسلم، وفيه أربع ركوعات أيضا، وفي رواية: خمس ركوعات، أخرجها أحمد وأبو داود والحاكم، ولا محمل للجمع بين الروايات إلا الحمل على الزيادة لتمادي الكسوف. وأجاب الجمهور بأن أحاديث الركوعين في الصحيحين، فهي أشهر وأصح فقدمت على باقية الروايات، وهذا هو الذي اختاره الشافعي ثم البخاري. قال السبكي:
وإنما يصح هذا إذ كانت الواقعة واحدة وقد حصل اختلاف الروايات فيها، أما إذا كانت وقائع فلا تعارض فيها اه.
وفي ذلك خلاف، فقيل بعدم تعددها. والأحاديث كلها ترجع إلى صلاته (ص) في كسوف الشمس يوم مات سيدنا إبراهيم ابنه، وإذا لم تتعدد الواقعة فلا تحمل الأحاديث على بيان الجواز. وقيل: إنها تعددت وصلاها مرات، فالجميع جائز، فقد ثبت أنه (ص) صلى لخسوف القمر. قال شيخنا: وعلى هذا الأولى أن يجاب بحملها على ما إذا أنشأ الصلاة بنية تلك الزيادة كما أشار إليه السبكي وغيره اه. والمعتمد ما عليه الجمهور من أن الزيادة لا تجوز مطلقا، وأما النقص للانجلاء على الوجه الثاني فقاسه على الانجلاء. فإن قيل: قد تقدم عن المجموع جواز فعلها كسنة الظهر. أجيب بأن ذلك بالنسبة لمن قصد فعلها ابتداء كذلك. فإن قيل: تجويز الزيادة لأجل تمادي الكسوف إنما يأتي في الركعة الثانية، وأما الأولى فكيف يعلم فيها التمادي بعد فراغ الركوعين؟ أجيب بأنه قد يتصور بأن يكون من أهل العلم بهذا الفن واقتضى حسابه ذلك، ويجري الوجهان في إعادة الصلاة للاستدامة، والأصح المنع، وقيل: يجوز على القول بتعدد الواقعة جمعا بين الأدلة. نعم في المجموع عن نص الام أنه لو صلى الكسوف وحده ثم أدركها مع الامام صلاها معه كالمكتوبة، ومحله كما قال الأذرعي فيما إذا أدركه قبل الانجلاء وإلا فهو افتتاح صلاة كسوف بعد الانجلاء. وهل يعيد المصلي جماعة مع جماعة يدركها؟ قضية التشبيه في الام أنه يعيدها، وهو الظاهر. (والأكمل) فيها زائدا على الأقل، (أن يقرأ في القيام الأول) كما في نص الام والمختصر والبويطي، (بعد الفاتحة) وسوابقها من افتتاح، وتعوذ، (البقرة) بكمالها