مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣١٧
من الثقات، ولأنها ذات ركوع وسجود ولا أذان لها كصلاة الاستسقاء. وإنما لم تجب لخبر الصحيحين: هل علي غيرها؟ أي الخمس، قال: لا، إلا أن تطوع. وحملوا قول الشافعي في الام لا يجوز تركها على كراهته لتأكدها ليوافق كلامه في مواضع أخر، والمكروه قد يوصف بعدم الجواز من جهة إطلاق الجائز على مستوى الطرفين. وأقل كيفيتها ما ذكر بقوله: (فيحرم بنية صلاة الكسوف) وهذه النية قد سبقت في قول المتن في صفة الصلاة إن النفل ذا السبب لا بد من تعيينه فهي مكررة، ولهذا أهمل النية في العيد والاستسقاء إلا أنها ذكرت هنا لبيان أقل صلاة الكسوف.
(ويقرأ) بعد الافتتاح والتعوذ (الفاتحة ويركع ثم يرفع) رأسه من الركوع ثم يعتدل، (ثم يقرأ الفاتحة) ثانيا (ثم يركع) ثانيا، أقصر من الذي قبله، (ثم يعتدل) ثانيا ويقول في الاعتدال عن الركوع الأول والثاني: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد كما في الروضة كأصلها، زاد في المجموع: حمدا طيبا إلخ. وقال الماوردي: لا يقول ذلك في الرفع الأول، بل يرفع مكبرا لأنه ليس اعتدالا، ولعل تعبير المصنف أولا بالرفع وثانيا بالاعتدال فيه ميل إلى هذا لأن الرفع من الركوع الأول لا يسمى اعتدالا، والراجح الأول. (ثم يسجد) السجدتين ويأتي بالطمأنينة في محالها. (فهذه ركعة، ثم يصلي) ركعة (ثانية كذلك) للاتباع رواه الشيخان من غير تصريح بقراءة الفاتحة. وقولهم إن هذا أقلها أي إذا شرع فيها بنية هذه الزيادة، وإلا ففي المجموع عن مقتضى كلام الأصحاب أنه لو صلاها كسنة الظهر صحت وكان تاركا للأفضل أو يحمل على أنه أقل الكمال. (ولا يجوز زيادة ركوع ثالث) فأكثر (لتمادي) أي طول مكث (الكسوف، ولا) يجوز (نقصه) أي نقص ركوع، أي إسقاطه من الركوعين المنويين، (للانجلاء في الأصح) كسائر الصلوات لا يزاد على أركانها ولا ينقص منها. والثاني: يزاد وينقص. أما الزيادة فلانه عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات رواه مسلم، وفيه أربع ركوعات أيضا، وفي رواية: خمس ركوعات، أخرجها أحمد وأبو داود والحاكم، ولا محمل للجمع بين الروايات إلا الحمل على الزيادة لتمادي الكسوف. وأجاب الجمهور بأن أحاديث الركوعين في الصحيحين، فهي أشهر وأصح فقدمت على باقية الروايات، وهذا هو الذي اختاره الشافعي ثم البخاري. قال السبكي:
وإنما يصح هذا إذ كانت الواقعة واحدة وقد حصل اختلاف الروايات فيها، أما إذا كانت وقائع فلا تعارض فيها اه‍.
وفي ذلك خلاف، فقيل بعدم تعددها. والأحاديث كلها ترجع إلى صلاته (ص) في كسوف الشمس يوم مات سيدنا إبراهيم ابنه، وإذا لم تتعدد الواقعة فلا تحمل الأحاديث على بيان الجواز. وقيل: إنها تعددت وصلاها مرات، فالجميع جائز، فقد ثبت أنه (ص) صلى لخسوف القمر. قال شيخنا: وعلى هذا الأولى أن يجاب بحملها على ما إذا أنشأ الصلاة بنية تلك الزيادة كما أشار إليه السبكي وغيره اه‍. والمعتمد ما عليه الجمهور من أن الزيادة لا تجوز مطلقا، وأما النقص للانجلاء على الوجه الثاني فقاسه على الانجلاء. فإن قيل: قد تقدم عن المجموع جواز فعلها كسنة الظهر. أجيب بأن ذلك بالنسبة لمن قصد فعلها ابتداء كذلك. فإن قيل: تجويز الزيادة لأجل تمادي الكسوف إنما يأتي في الركعة الثانية، وأما الأولى فكيف يعلم فيها التمادي بعد فراغ الركوعين؟ أجيب بأنه قد يتصور بأن يكون من أهل العلم بهذا الفن واقتضى حسابه ذلك، ويجري الوجهان في إعادة الصلاة للاستدامة، والأصح المنع، وقيل: يجوز على القول بتعدد الواقعة جمعا بين الأدلة. نعم في المجموع عن نص الام أنه لو صلى الكسوف وحده ثم أدركها مع الامام صلاها معه كالمكتوبة، ومحله كما قال الأذرعي فيما إذا أدركه قبل الانجلاء وإلا فهو افتتاح صلاة كسوف بعد الانجلاء. وهل يعيد المصلي جماعة مع جماعة يدركها؟ قضية التشبيه في الام أنه يعيدها، وهو الظاهر. (والأكمل) فيها زائدا على الأقل، (أن يقرأ في القيام الأول) كما في نص الام والمختصر والبويطي، (بعد الفاتحة) وسوابقها من افتتاح، وتعوذ، (البقرة) بكمالها
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532