قتال) وخوف على نفسه أو عضوه من برد أو حر أو غير ذلك ولم يجد غيره فإنه يجوز كما يجوز أكل الميتة عند الاضطرار، ويحل أن يغشى كل من الكلب والخنزير جلده وجلد الآخر. قال في المجموع: كذا أطلقوه، ولعل مرادهم كلب يقتنى وخنزير لا يؤمر بقتله فإن فيه خلافا وتفصيلا ذكروه في السير. وما استشكله في تغشية الخنزير بامتناع اقتنائه والمغشي مقتنى، أجيب عنه بمنع كونه مقتنى بذلك، ولو سلم فيأثم بالاقتناء لا بالتغشية، أو يحمل ذلك على خنازير أهل الذمة فإنهم يقرون عليها، أو على مضطر تزود به ليأكله كما يتزود بالميتة. أما تغشية غير الكلب والخنزير وفروعهما وفرع أحدهما مع الآخر بجلد واحد منهما فلا يجوز بخلاف تغشيته بغير جلدهما من الجلود النجسة فإنه جائز. (وكذا جلد الميتة) قبل الدبغ من غيرهما لا يحل لبسه أيضا، (في الأصح) إلا لضرورة فيحل كجلد نحو الكلب، وكذا يحرم على الآدمي استعمال نجاسة في بدنه أو شعره أو ثوبه لما عليه من التعبد في اجتناب النجاسة لإقامة العبادة ولو كان النجس مشط عاج في شعر الرأس أو اللحية إذا كانت هناك رطوبة، وإلا فيكره كما في المجموع خلافا للأسنوي في قوله: يحرم مطلقا، فقد نص الشافعي رضي الله تعالى عنه في البويطي على التفصيل المذكور وجزم به جمع، وكأنهم استثنوا العاج لشدة جفافه مع ظهور رونقه.
وجلد الآدمي وإن كان طاهرا يحرم استعماله إلا لضرورة. ويكره لبس الثياب الخشنة لغير غرض شرعي كما نقله المصنف عن المتولي وإن اختار في المجموع أنه خلاف السنة. ويحرم إطالة العذبة طولا فاحشا، وإنزال الثوب ونحوه عن الكعبين للخيلاء، ويكره ذلك لغيرها، والسنة أن تكون العذبة بين الكتفين. ويجوز لبس العمامة بإرسال طرفها وبدونه، ولا كراهة في واحد منهما، ولكن الأفضل إرخاؤه. أما المرأة فيجوز لها إرسال الثوب على الأرض ذراعا. قال في المجموع: والأوجه أن ابتداء الذراع من الحد المستحب للرجال وهو أنصاف الساقين، لا من الكعبين ولا من أول ما يمس الأرض. ويجوز بلا كراهة لبس القباء والفرجية والقمص ونحوها مزرورة وغير مزرورة إذا لم تبد عورته. ويسن تقصيرا لكم لأن كمه (ص) كان إلى الرسغ. وإفراط توسعة الثياب والاكمام بدعة وسرف وتضييع مال، كما قاله ابن عبد السلام، قال: ولا بأس بلبس شعار العلماء ليعرفوا بذلك فيسألوا، فإني كنت محرما فأنكرت على جماعة محرمين لا يعرفونني ما أخلوا به من أدب الطواف فلم يقبلوا، فلما لبست ثياب الفقهاء وأنكرت عليهم ذلك سمعوا وأطاعوا، فإذا لبسها لمثل ذلك كان فيه أجر، لأنه سبب لامتثال أمر الله وللانتهاء عما نهى الله عنه. (ويحل) مع الكراهة في غير المسجد الاستصباح (بالدهن النجس) عينه كودك ميتة أو بعارض كزيت ونحوه وقعت فيه نجاسة، (على المشهور) لأنه (ص) سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال: إن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فاستصبحوا به أو فانتفعوا به، رواه الطحاوي وقال: رجاله ثقات. والثاني: لا يجوز، لأجل دخان النجاسة فإنه قد يصيب بدنه أو ثوبه عند القرب من السراج. وعلى الأول يعفى عما يصيبه من دخان المصباح لقلته، أما في المسجد فلا يجوز لما فيه من تنجيسه كما جزم به ابن المقري تبعا للأذرعي والزركشي وإن كان ميل الأسنوي إلى الجواز. ويستثنى أيضا ودك نحو الكلب كما قاله في البيان ونقله الغزي عن الامام. قال الغزي: ويجوز أن يجعل الزيت المتنجس صابونا أيضا للاستعمال، أي لا للبيع. قال في المجموع: ويجوز طلي السفن بشحم الميتة وإطعامها للكلاب والطيور وإطعام الطعام المتنجس للدواب.
خاتمة: يكره المشي في نعل واحدة أو نحوها كخف واحد للنهي عنه، والمعنى فيه أن مشيه يخل بذلك، وقيل: لما فيه من ترك العدل بين رجليه. وأن ينتعل قائما للنهي عنه. ويسن أن يبدأ باليمين في لبس النعل ونحوه واليسار في الخلع.
ويباح بلا كراهة لبس خاتم حديد ورصاص. ويسن للرجل لبس خاتم الفضة في خنصر يمينه أو يساره، ولبسه في اليمين أفضل، ويجوز في اليسار وفيهما معا، وجعل الفص في باطن الكف أفضل، والضبط في قدره ما لا يعد إسرافا في العرف. ولا يحرم استعمال النشاء وهو المتخذ من القمح في الثوب، والأولى تركه وترك دق الثياب وصقلها. قال الزركشي:
ينبغي طي الثياب، أي وذكر اسم الله تعالى عليها لما روى الطبراني: إذا طويتم ثيابكم فاذكروا اسم الله عليها لئلا