مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
قتال) وخوف على نفسه أو عضوه من برد أو حر أو غير ذلك ولم يجد غيره فإنه يجوز كما يجوز أكل الميتة عند الاضطرار، ويحل أن يغشى كل من الكلب والخنزير جلده وجلد الآخر. قال في المجموع: كذا أطلقوه، ولعل مرادهم كلب يقتنى وخنزير لا يؤمر بقتله فإن فيه خلافا وتفصيلا ذكروه في السير. وما استشكله في تغشية الخنزير بامتناع اقتنائه والمغشي مقتنى، أجيب عنه بمنع كونه مقتنى بذلك، ولو سلم فيأثم بالاقتناء لا بالتغشية، أو يحمل ذلك على خنازير أهل الذمة فإنهم يقرون عليها، أو على مضطر تزود به ليأكله كما يتزود بالميتة. أما تغشية غير الكلب والخنزير وفروعهما وفرع أحدهما مع الآخر بجلد واحد منهما فلا يجوز بخلاف تغشيته بغير جلدهما من الجلود النجسة فإنه جائز. (وكذا جلد الميتة) قبل الدبغ من غيرهما لا يحل لبسه أيضا، (في الأصح) إلا لضرورة فيحل كجلد نحو الكلب، وكذا يحرم على الآدمي استعمال نجاسة في بدنه أو شعره أو ثوبه لما عليه من التعبد في اجتناب النجاسة لإقامة العبادة ولو كان النجس مشط عاج في شعر الرأس أو اللحية إذا كانت هناك رطوبة، وإلا فيكره كما في المجموع خلافا للأسنوي في قوله: يحرم مطلقا، فقد نص الشافعي رضي الله تعالى عنه في البويطي على التفصيل المذكور وجزم به جمع، وكأنهم استثنوا العاج لشدة جفافه مع ظهور رونقه.
وجلد الآدمي وإن كان طاهرا يحرم استعماله إلا لضرورة. ويكره لبس الثياب الخشنة لغير غرض شرعي كما نقله المصنف عن المتولي وإن اختار في المجموع أنه خلاف السنة. ويحرم إطالة العذبة طولا فاحشا، وإنزال الثوب ونحوه عن الكعبين للخيلاء، ويكره ذلك لغيرها، والسنة أن تكون العذبة بين الكتفين. ويجوز لبس العمامة بإرسال طرفها وبدونه، ولا كراهة في واحد منهما، ولكن الأفضل إرخاؤه. أما المرأة فيجوز لها إرسال الثوب على الأرض ذراعا. قال في المجموع: والأوجه أن ابتداء الذراع من الحد المستحب للرجال وهو أنصاف الساقين، لا من الكعبين ولا من أول ما يمس الأرض. ويجوز بلا كراهة لبس القباء والفرجية والقمص ونحوها مزرورة وغير مزرورة إذا لم تبد عورته. ويسن تقصيرا لكم لأن كمه (ص) كان إلى الرسغ. وإفراط توسعة الثياب والاكمام بدعة وسرف وتضييع مال، كما قاله ابن عبد السلام، قال: ولا بأس بلبس شعار العلماء ليعرفوا بذلك فيسألوا، فإني كنت محرما فأنكرت على جماعة محرمين لا يعرفونني ما أخلوا به من أدب الطواف فلم يقبلوا، فلما لبست ثياب الفقهاء وأنكرت عليهم ذلك سمعوا وأطاعوا، فإذا لبسها لمثل ذلك كان فيه أجر، لأنه سبب لامتثال أمر الله وللانتهاء عما نهى الله عنه. (ويحل) مع الكراهة في غير المسجد الاستصباح (بالدهن النجس) عينه كودك ميتة أو بعارض كزيت ونحوه وقعت فيه نجاسة، (على المشهور) لأنه (ص) سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال: إن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فاستصبحوا به أو فانتفعوا به، رواه الطحاوي وقال: رجاله ثقات. والثاني: لا يجوز، لأجل دخان النجاسة فإنه قد يصيب بدنه أو ثوبه عند القرب من السراج. وعلى الأول يعفى عما يصيبه من دخان المصباح لقلته، أما في المسجد فلا يجوز لما فيه من تنجيسه كما جزم به ابن المقري تبعا للأذرعي والزركشي وإن كان ميل الأسنوي إلى الجواز. ويستثنى أيضا ودك نحو الكلب كما قاله في البيان ونقله الغزي عن الامام. قال الغزي: ويجوز أن يجعل الزيت المتنجس صابونا أيضا للاستعمال، أي لا للبيع. قال في المجموع: ويجوز طلي السفن بشحم الميتة وإطعامها للكلاب والطيور وإطعام الطعام المتنجس للدواب.
خاتمة: يكره المشي في نعل واحدة أو نحوها كخف واحد للنهي عنه، والمعنى فيه أن مشيه يخل بذلك، وقيل: لما فيه من ترك العدل بين رجليه. وأن ينتعل قائما للنهي عنه. ويسن أن يبدأ باليمين في لبس النعل ونحوه واليسار في الخلع.
ويباح بلا كراهة لبس خاتم حديد ورصاص. ويسن للرجل لبس خاتم الفضة في خنصر يمينه أو يساره، ولبسه في اليمين أفضل، ويجوز في اليسار وفيهما معا، وجعل الفص في باطن الكف أفضل، والضبط في قدره ما لا يعد إسرافا في العرف. ولا يحرم استعمال النشاء وهو المتخذ من القمح في الثوب، والأولى تركه وترك دق الثياب وصقلها. قال الزركشي:
ينبغي طي الثياب، أي وذكر اسم الله تعالى عليها لما روى الطبراني: إذا طويتم ثيابكم فاذكروا اسم الله عليها لئلا
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532