خطبتي الجمعة بسنن أخرى. (ويعلمهم) ندبا (في) كل عيد أحكامه، ففي عيد (الفطر) يعلمهم أحكام (الفطرة) بكسر الفاء كما في المجموع وبضمها كما قاله ابن الصلاح كابن أبي الدم، وهي من اصطلاح الفقهاء اسم لما يخرج، مولدة لا عربية، ولا معربة، وكأنها من الفطرة: أي الخلقة، فهي صدقة الخلفة. (وفي) عيد (الأضحى) يعلمهم أحكام (الأضحية) للاتباع في بعضها في خبر الصحيحين، ولان ذلك لائق بالحال. و (يفتتح) الخطبة (الأولى بتسع تكبيرات) ولاء إفرادا، (و) الخطبة (الثانية بسبع ولاء) إفرادا، تشبيها للخطبتين بصلاة العيد، فإن الركعة الأولى تشتمل على تسع تكبيرات فإن فيها سبع تكبيرات وتكبيرة الاحرام وتكبيرة الركوع، والركعة الثانية على سبع تكبيرات فإن فيها خمس تكبيرات وتكبيرة القيام وتكبيرة الركوع، والولاء سنة في التكبيرات وكذا الافراد. فلو تخلل ذكر بين كل تكبيرتين، أو قرن بين كل تكبيرتين جاز. والتكبيرات المذكورة مقدمة للخطبة لا منها وإن أوهمت عبارة المصنف أنها منها، لأن افتتاح الشئ قد يكون ببعض مقدماته التي ليست من نفسه. ويندب للنساء استماع الخطبتين. ويكره تركه. ومن دخل والخطيب يخطب، فإن كان في مسجد بدأ بالتحية، ثم بعد فراغ الخطبة يصلي فيه صلاة العيد، فلو صلى فيه بدل التحية العيد وهو أولى حصلا، لكن لو دخل وعليه مكتوبة يفعلها ويحصل بها التحية، أو في صحراء سن به الجلوس ليستمع إذ لا تحية وأخر الصلاة إلا إن خشي فوتها فيقدمها على الاستماع، وإذا أخرها فهو مخير بين أن يصليها في الصحراء وبين أن يصليها بغيرها إلا إن خشي الفوات بالتأخير. ويندب للامام بعد فراغه من الخطبة أن يعيدها لمن فاته سماعها ولو نساء للاتباع، رواه الشيخان.
فرع: قال أئمتنا: الخطب المشروعة عشر: خطبة الجمعة، والعيدين، والكسوفين، والاستسقاء، وأربع في الحج، وكلها بعد الصلاة إلا خطبتي الجمعة وعرفة فقبلها، وكل منها ثنتان إلا الثلاثة الباقية في الحج ففرادى. (ويندب الغسل) لعيد فطر أو أضحى قياسا على الجمعة. وظاهر إطلاقه أنه لا فرق بين من يحضر الصلاة وبين غيره، وهو كذلك لأنه يوم زينة فسن الغسل له بخلاف غسل الجمعة. (ويدخل وقته بنصف الليل) وإن كان المستحب فعله بعد الفجر لأن أهل السواد يبكرون إليها من قراهم، فلو لم يكف الغسل لها قبل الفجر لشق عليهم فعلق بالنصف الثاني لقربه من اليوم كما قيل في أذانه. وقيل: يجوز في جميع الليل. (وفي قول) يدخل وقته (بالفجر) كالجمعة. وفرق الأول بتأخير الصلاة هناك وتقديمها هنا. (و) يندب (الطيب) أي التطيب الذكر بأحسن ما يجد عنده من الطيب. فإن قيل: الطيب اسم ذات لا يتعلق به حكم. أجيب بأن المراد ما قدرته. (والتزين) بأحسن ثيابه وبإزالة الظفر والريح الكريهة، (كالجمعة) لكن الجمعة السنة فيها لبس البياض كما مر. ولا فرق في ذلك بين الخارج للصلاة وغيره كما مر في الغسل، نعم مريد الأضحية لا يزيل شعره ولا ظفره حتى يضحي كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الأضحية. أما الأنثى فيكره لذات الجمال والهيئة الحضور، ويسن لغيرها بإذن الزوج أو السيد، وتتنظف بالماء ولا تتطيب وتخرج في ثياب بذلتها. والخنثى في هذه كالأنثى، أما الأنثى القاعدة في بيتها فيسن لها ذلك.
تنبيه: لو حذف المصنف الطيب وقال: والتزين كالجمعة لكان أخصر لأنه في الجمعة أدخل الطيب في التزين.
(وفعلها) أي صلاة العيد، (بالمسجد) عند اتساعه كالمسجد الحرام، (أفضل) لشرف المسجد على غيره. (وقيل) فعلها (بالصحراء) أفضل لأنها أرفق بالراكب وغيره، (إلا لعذر) كمطر ونحوه فالمسجد أفضل. ومحل الخلاف غير المسجد الحرام، أما هو فهو أفضل قطعا اقتداء بالصحابة فمن بعدهم، والمعنى فيه فضيلة البقعة ومشاهدة الكعبة.
قال الرافعي: وألحق الصيدلاني بالمسجد الحرام بيت المقدس، قال الأذرعي: وهو الصواب للفضل والسعة المفرطة اه.
وهذا هو الظاهر وإن مال في المجموع إلى خلافه. وألحق ابن الأستاذ مسجد المدينة بمسجد مكة، وهو الظاهر أيضا لأنه