بمد الهمزة (غسل غاسل الميت) في الجديد، لأن الغسل من غسل الميت قد اختلف في وجوبه. (ثم) غسل (الجمعة) يليه في الفضيلة لأنه قد اختلف في وجوبه أيضا (وعكسه القديم) فقال آكدها غسل الجمعة ثم غسل غاسل الميت.
(قلت: القديم هنا أظهر) من الجديد، وصوب في الروضة الجزم به (ورجحه الأكثرون، وأحاديثه) أي غسل الجمعة (صحيحة، كثيرة وليس للجديد) هنا (حديث صحيح) يدل له (والله أعلم) وقد اعترض عليه في هذه الدعوى بأنه قد صحح الترمذي وابن حبان وابن السكن حديث: من غسل ميتا فليغتسل وقال الماوردي: خرج بعض أصحاب الحديث لصحته مائة وعشرين طريقا، لكن قال البخاري: الأشبه وقفه على أبي هريرة، وما أحسن قول الرافعي لأن أخبار الجمعة أصح وأثبت. ومن فوائد كون ذلك آكد التقديم له فيما إذا أوصى أو وكل بماء للأولى كما مر بيانه في التيمم.
تنبيه: قال الزركشي: قال بعضهم: إذا أراد الغسل للمسنونات نوى أسبابها إلا الغسل من الجنون فإنه ينوي الجنابة وكذا المغمى عليه، ذكره صاحب الفروع اه. ومحل هذا إذا جن أو أغمي عليه بعد بلوغه لقول الشافعي: قل من جن إلا وأنزل. أما إذا جن قبل بلوغه أو أغمي عليه ثم أفاق قبله فإنه ينوي السبب كغيره. (و) يسن (التبكير إليها) لغير الامام وغير ذي عذر يشق عليه البكور ليأخذوا مجالسهم وينتظروا الصلاة، ولخبر الصحيحين: على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، ومن اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة - أي مثل غسلها - ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يسمعون الذكر وفي رواية النسائي: أن الساعات ست قال في الأولى والثانية والثالثة ما مر، وفي الرابعة بطة، والخامسة دجاجة، والسادسة بيضة. قال في المجموع وشرح مسلم: المراد بالساعات الساعات الفلكية اثنا عشرة ساعة زمانية صيفا أو شتاء فمن جاء في أول ساعة منها، أي مثلا، ومن جاء في آخرها يشتركان في تحصيل البدنة لكن بدنة الأول أكمل من بدنة الآخر وبدنة المتوسط متوسطة. وقال في أصل الروضة: ليس المراد من الساعات الفلكية بل ترتيب درجات السابقين. قال ابن المقري: فكل داخل بالنسبة إلى من بعده كالمقرب بدنة وبالنسبة إلى من قبله بدرجة كالمقرب بقرة وبدرجتين كالمقرب كبشا وبثلاث دجاجة وبأربع بيضة، وعلى هذا لا حصر للساعات والأولى الأول. أما الامام فيسن له التأخير إلى وقت الجمعة اقتداء به (ص) وبخلفائه، وكذا المعذور الذي يشق عليه البكور. والساعات من طلوع الفجر الصادق لأنه أول النهار شرعا وبه يتعلق جواز غسل الجمعة، وإنما ذكر في الخبر لفظ الرواح مع أنه اسم للخروج بعد الزوال كما قاله الجوهري لأنه خروج لما يؤتى به بعد الزوال، على أن الأزهري منع ذلك وقال: إنه مستعمل عند العرب في السير أي وقت من ليل أو نهار. ويلزم البعيد السعي إلى الجمعة قبل الزوال لتوقف أداء الواجب عليه. وقيل: وقتها من الشمس، وقيل، من الضحى، وقيل: من الزوال. ويستحب أن يأتي إليها (ماشيا) إن قدر ولم يشق عليه لخبر: من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الامام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه، قال في المجموع: وروي غسل بالتشديد والتخفيف وهو أرجح، وعليهما في معناه ثلاثة أوجه، أحدها: غسل ثيابه ورأسه ثم اغتسل، وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما، وكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون. ثانيها: غسل زوجته بأن جامعها فألجأها إلى الغسل واغتسل هو، ولذا قالوا: يسن له الجماع في هذا اليوم ليأمن أن يرى في طريقه ما يشغل قلبه.
ثالثها: غسل أعضاء الوضوء بأن توضأ ثم اغتسل للجمعة. وروي: بكر بالتخفيف والتشديد وهو أشهر، فعلى التخفيف