مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٠٠
في الجمعة. (فلو سجد على ترتيب) نظم صلاة (نفسه) عامدا (عالما بأن واجبه) أي الواجب عليه (المتابعة) لامامه تفريعا على الأظهر، (بطلت صلاته) لتلاعبه حيث سجد في موضع الركوع، فيلزمه التحرم بالجمعة إن أمكنه إدراك الامام في الركوع كما في الروضة كأصلها. وقال الأسنوي: بل يلزمه ذلك ما لم يسلم الامام، إذ يحتمل أن الامام قد نسي القراءة مثلا فيعود إليها اه‍. وهذا هو المعتمد، وكلام الروضة محمول على الوجوب اتفاقا، وهذا على خلاف قد تقدم وأن الأصح اللزوم فلا منافاة بينهما. وإذا علمت ذلك فقول الأسنوي إن عبارة الروضة غير مستقيمة ممنوع. (وإن نسي) ذلك المعلوم عنده من وجوب المتابعة، (أو جهل) ذلك، (لم يحسب سجوده الأول) وهو ما أتى به على ترتيب نظم صلاة نفسه لأنه أتى به في غير محله، ولا تبطل به صلاته لعذره. (فإذا سجد ثانيا) بعد أن قام وقرأ وركع وهو على نسيانه أو جهله، (حسب) له وتمت به ركعته الأولى لدخول وقته وألغي ما قبله، فإن زال نسيانه أو جهله قبل السجود الثاني وجب عليه متابعة الامام فيما هو فيه كما هو المفهوم من كلام الأكثرين كما في الروضة وأصلها. (والأصح إدراك الجمعة بهذه الركعة) الملفقة من ركوع الأولى وسجود الثانية (إذا كملت السجدتان) فيها (قبل سلام الامام) وإن كان في الركعة نقصانان: نقصان بالتلفيق، ونقصان بالقدوة الحكمية، فإنه لم يتابع الامام في موضع ركعته متابعة حسية بل سجد متخلفا عنه، لكنا ألحقناه في الحكم بالاقتداء الحقيقي لكونه معذورا، بخلاف ما إذا كملتا بعد سلامه فإنه لم يدرك الجمعة بها. والثاني: لا يدرك الجمعة بهذه الركعة. وبحث الرافعي فيما ذكر بأنه إذا لم يحسب سجوده والامام راكع لكون فرضه المتابعة وجب أن لا يحسب والامام في ركن بعد الركوع، وأجاب عنه السبكي والأسنوي بأنا إنما لم نحسب له سجوده والامام راكع لامكان متابعته بعد ذلك فيدرك الركعة بخلاف ما بعده، فلو لم نحسبه له لفاتت الركعة ويكون ذلك عذرا في عدم المتابعة اه‍. فما جرى عليه في المتن هو المعتمد، وإن قال في المجموع: إن الجمهور على خلافه. ولو فرغ من سجوده الأول فوجد الامام ساجدا فتابعه في سجوده حسب له، وتكون ركعته ملفقة، ولو زوحم عن الركوع في الأولى ولم يتمكن منه إلا حال ركوع الثانية ركع معه وحسبت الثانية له، قال ابن المقري: غير ملفقة، أي من الركوع وغيره وإلا فهي ملفقة من القراءة في الأولى والقيام فيها والاحرام بها ومن الثانية، لكن التلفيق الأول هو المختلف فيه، فلو لم يتمكن المزحوم من السجود حتى سجد الإمام في الركعة الثانية سجد معه وحصلت له ركعة ملفقة من ركوع الأولى وسجود الثانية، فإن لم يتمكن إلا في السجدة الثانية سجد معه فيها. وهل يسجد الأخرى لأنهما ركن واحد أو يجلس معه. فإذا سلم بنى على صلاته أو ينتظره ساجدا حتى يسلم فيبني على صلاته؟
احتمالات، والأوجه منها الأول كما اعتمده شيخي، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين. ثم هذا كله فيما إذا تخلف بالسجود لزحمة، أما التخلف به لغير زحمة فأشار إليه بقوله: (ولو تخلف بالسجود) في الأولى (ناسيا) له (حتى ركع الامام للثانية) فذكره (ركع معه) وجوبا (على المذهب) وليصل له من الركعتين ركعة ملفقة ويسقط عنه الباقي منهما، والقول الثاني يراعي نظم صلاة نفسه كالمزحوم. وفرق الأول بأنه مقصر بالنسيان، وقطع بعضهم بالأول، وقال الروياني:
وطريق القطع أظهر. والتخلف للمرض كالتخلف للنسيان فيما ذكر.
خاتمة: ليست الجمعة ظهرا مقصورا وإن كان وقتها وتتدارك به، بل هي صلاة مستقلة لأنه لا يغني عنها، ولقول عمر رضي الله تعالى عنه: الجمعة ركعتان تمام على لسان نبيكم (ص): * (وقد خاب من افترى) * رواه الإمام أحمد وغيره، وقال في المجموع: إنه حسن. فإن عرض فيها ما يمنع وقوعها جمعة انقلبت ظهرا وإن لم يقصد قلبها لأنهما فرض وقت واحد. قال في الروضة: وللمستمع للخطيب أن يصلي على النبي (ص) ويرفع بها صوته إذا قرأ
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532