العيد على الأول حيث لم يختص بمن حضر بأن غسله للزينة وإظهار السرور، وهذا للتنظيف ودفع الأذى عن الناس، ومثله يأتي في التزين. وروي: غسل الجمعة واجب على كل محتلم - أي متأكد - وحق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما زاد النسائي: هو يوم الجمعة، وهذا مما انفردت به الجمعة عن بقية المكتوبات الخمس. وصرف هذه الأحاديث عن الوجوب خبر: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل رواه الترمذي وحسنه.
قوله: فبها أي بالسنة أخذ، أي بما جوزته من الوضوء مقتصرا عليه. ونعمت الخصلة أو الفعلة، والغسل معها أفضل، وخبر: من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدنا واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام.
وفي الصحيحين: أن عثمان دخل وعمر يخطب، فقال: ما بال رجال يتأخرون عن النداء؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم جئت، فقال عمر: والوضوء أيضا؟ ألم تسمعوا رسول الله (ص) يقول: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل؟ (ووقته من الفجر) الصادق، لأن الاخبار علقته باليوم، كقوله (ص): من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى الحديث، فلا يجزئ قبله. وقيل: وقته من نصف الليل كالعيد، والفرق ظاهر لبقاء أثره إلى صلاة العيد لقرب الزمن، ولأنه لو لم يجز قبل الفجر لضاق الوقت وتأخر عن التبكير إلى الصلاة، والغرض من ذلك أن الغسل لها سنة من بعد الفجر. (وتقريبه من ذهابه) إلى الجمعة (أفضل) لأنه أبلغ في المقصود من انتفاء الرائحة الكريهة، ولو تعارض الغسل والتكبير فمراعاة الغسل أولى كما قاله الزركشي لأنه مختلف في وجوبه، وقيل:
إن كان بجسده ريح كريهة اغتسل وإلا بكر. ولا يبطل غسل الجمعة الحدث فيتوضأ ولا الجنابة فيغتسل، ويكره تركه بلا عذر على الأصح. (فإن عجز) عن الماء بأن توضأ ثم عدمه أو كان جريحا في غير أعضاء الوضوء، (تيمم في الأصح) بنية الغسل بأن ينوي التيمم عن غسل الجمعة إحرازا للفضيلة كسائر الأغسال. والثاني: لا يتيمم، لأن المقصود من الغسل التنظيف وقطع الرائحة الكريهة والتيمم لا يفيده، وهذا احتمال للامام أثبته الغزالي وجها. (ومن المسنون غسل العيد) الأصغر والأكبر، (والكسوف) للشمس والقمر، (والاستسقاء) لاجتماع الناس لذلك كالجمعة، وستأتي أوقات هذه الأغسال في أبوابها. (و) الغسل (لغاسل الميت) سواء أكان الميت مسلما أم لا، وسواء أكان الغاسل طاهرا أم لا كحائض، لقوله (ص): من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ رواه الترمذي وحسنه. وإنما لم يجب لقوله (ص): ليس عليكم من غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه رواه الحاكم، وقال: إنه على شرط البخاري، وقيس بالغسل الوضوء. وقوله: ومن حمله، أي أو أراد حمله فليتوضأ ليكون على طهارة، وقيل: يتوضأ من حمله لاحتمال أنه خرج منه شئ لم يعلم به. ويسن الوضوء من مسه (و) غسل (المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا) ولم يتحقق منهما إنزال للاتباع في الاغماء، رواه الشيخان. وفي معناه الجنون بل أولى، لأنه يقال كما قال الشافعي: قل من جن إلا وأنزل. فإن قلت: لم لم يجب كما يجب الوضوء؟ أجيب بأنه لا علامة ثم على خروج الريح، بخلاف المني فإنه مشاهد، فإن تحقق الانزال وجب الغسل. (و) الغسل ل (- كافر) بعد إسلامه (إذا أسلم) تعظيما للاسلام وقد أمر (ص) قيس ابن عاصم به لما أسلم، وكذا ثمامة بن أثال رواهما ابنا خزيمة وحبان. وإنما لم يجب لأن جماعة أسلموا ولم يأمرهم (ص) بالغسل، هذا إن لم يعرض له في كفره ما يوجب الغسل وإلا وجب على الأصح، وقيل: يسقط، ولا عبرة بالغسل في الكفر في الأصح. (وأغسال الحج) الآتي بيانها في بابه إن شاء الله تعالى. وأفاد التعبير بمن أنه قد بقيت أغسال أخر مسنونة، منها الغسل من الحجامة، ومن الخروج من الحمام عند إرادة الخروج، وللاعتكاف، ولكل ليلة من رمضان، وقيده الأذرعي بمن يحضر الجماعة - ولدخول الحرم، ولحلق العانة، ولبلوغ الصبي بالسن، ولدخول المدينة، وعند سيلان الوادي، ولتغير رائحة البدن، وعند كل اجتماع من مجامع الخير. قال شيخنا:
كالاجتماع للكسوف.
وأما الغسل للصلوات الخمس فلا يسن لها كما مرت الإشارة إليه، وأفتى به شيخي، لما في ذلك من المشقة. (وآكدها)