عن المأموم إذا كان محدثا بخلاف ما إذا قرأ بنفسه، وإن أدرك الركعة كاملة مع الامام في ركعة زائدة سهوا صحت إن لم يكن عالما بزيادتها كمصل صلاة كاملة خلف محدث، بخلاف ما لو بان إمامه كافرا أو امرأة، لأنهما ليسا أهلا لامامة الجمعة بحال. (الخامس) من الشروط: (خطبتان) لخبر الصحيحين عن ابن عمر: كان رسول الله (ص) يخطب يوم الجمعة خطبتين يجلس بينهما. وكونهما (قبل الصلاة) بالاجماع إلا من شذ مع خبر: صلوا كما رأيتموني أصلي ولم يصل (ص) إلا بعدهما. قال في المجموع: ثبت صلاته (ص) بعد خطبتين، بخلاف العيد فإن خطبتيه مؤخرتان للاتباع، ولان الجمعة إنما تؤدى جماعة فأخرت ليدركها المتأخرون، ولان خطبة الجمعة شرط والشرط مقدم على مشروطه.
(وأركانهما خمسة): الأول: (حمد الله تعالى) للاتباع رواه مسلم. (و) الثاني: (الصلاة على رسول الله (ص)) لأنها عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى فافتقرت إلى ذكر رسول الله (ص) كالاذان والصلاة، قال القمولي: وفي وجوب الصلاة على رسول الله (ص) إشكال فإن الخطبة المروية عنه (ص) ليس فيها ذكر الصلاة عليه لكنه فعل السلف والخلف، ويبعد الاتفاق على فعل سنة دائما، وقال: إن الشافعي تفرد بوجوب الصلاة على النبي (ص) في الخطبة اه. ويدل له رضي الله عنه القياس المتقدم، وما في دلائل النبوة للبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: قال الله تعالى: وجعلت أمتك لا تجوز عليهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي. (ولفظهما) أي الحمد والصلاة، (متعين) للاتباع، ولأنه الذي مضى عليه الناس في عصر النبي (ص) إلى عصرنا، فلا يجزئ الشكر والثناء ولا إله إلا الله ولا العظمة والجلال والمدح ونحو ذلك، ولا يتعين لفظ الحمد بل يجزئ بحمد الله أو أحمد الله أو لله الحمد أو الله أحمد كما يؤخذ من التعليقة تبعا لصاحب الحاوي في شرح اللباب، وصرح الجيلي بإجزاء أنا حامد لله، وهذا هو المعتمد، وإن توقف في ذلك الأذرعي وقال: قضية كلام الشرحين تعين لفظ الحمد لله باللام اه. ويتعين لفظ الله فلا يجزئ الحمد للرحمن أو الرحيم كما نقله الرافعي عن مقتضى كلام الغزالي، قال: ولم أره مسطورا وليس ببعيد كما في التكبير، وجزم بذلك في المجموع. ولا يتعين لفظ: اللهم صل على محمد، بل يجزئ أصلي أو نصلي على محمد أو أحمد أو الرسول أو النبي أو الماحي أو العاقب أو الحاشر أو الناشر أو النذير. ولا يكفي رحم الله محمدا أو صلى الله عليه وصلى الله على جبريل ونحو ذلك.
تنبيه: قوله: ولفظهما متعين إن أراد تعيين الحمد والصلاة كما قررت به كلامه تبعا للشارح دون لفظ الله ورسول الله. ورد عليه أن لفظ الجلالة يتعين كما مر، وإن أراد تعيين المذكور بجملته، ورد عليه أنه لا يتعين لفظ رسول الله كما مر أيضا. وما ذكرته من أن لفظ الضمير لا يكفي هو ما أفتى به بعض المتأخرين وهو المعتمد قياسا على التشهد، وجزم به شيخنا في شرح الروض. (و) الثالث: (الوصية بالتقوى) للاتباع رواه مسلم، ولان المقصود من الخطبة الوعظ والتحذير.
(ولا يتعين لفظها) أي الوصية بالتقوى (على الصحيح) لأن الغرض الوعظ والحمل على طاعة الله تعالى فيكفي ما دل على الموعظة طويلا كان أو قصيرا كأطيعوا الله وراقبوه، ولا يكفي الاقتصار على التحذير من غرور الدنيا وزخرفها فقد يتواصى به منكر البعث، بل لا بد من الحمل على الطاعة والمنع من المعصية، والحمل على الطاعة مستلزم للحمل على المنع من المعصية. والثاني: يتعين لفظ الوصية قياسا على الحمد والصلاة.
تنبيه: قوله: ولا يتعين لفظها يحتمل أن مراده لا يتعين لفظ الوصية، وهو عبارة الروضة، فيكون لفظ التقوى لا بد منه. وهذا أقرب إلى لفظه. ويحتمل أن مراده لا يتعين واحد من اللفظين لا الوصية ولا التقوى، وهو ما قررت به كلامه تبعا للشارح، وجزم الأسنوي بالاحتمال الأول ففسر به لفظ المصنف. قال بعض المتأخرين: ويمكن أن يكون مراده في الروضة أن الخلاف في لفظ الوصية ولا يجب لفظ التقوى قطعا، ويؤيده ما نقلاه عن الامام وأقراه أنه يكفي أن يقول