وهو أنه لا تصح الجمعة خلف الصبي أو العبد أو المسافر إذا تم العدد بغيره، والأصح الصحة. فإن قيل: تقدم إحرام الامام ضروري فاغتفر فيه ما لا يغتفر في غيره. أجيب بأنه لا ضرورة إلى إمامته فيها، وللمشقة على من لا تنعقد به في تكليفه معرفة تقدم إحرام أربعين من أهل الكمال على إحرامه. (والصحيح) من قولين (انعقادها بالمرضى) لأنهم كاملون وعدم الوجوب عليهم تخفيف. والثاني: لا كالمسافرين. والخلاف قولان لا وجهان، فكان الأولى أن يعبر بالأظهر.
(و) الصحيح من قولين أيضا (أن الامام لا يشترط كونه فوق أربعين) إذا كان بصفة الكمال لاطلاق الحديث المتقدم. والثاني، ونقل عن القديم: يشترط، لأن الغالب على الجمعة التعبد، فلا ينتقل من الظهر إليها إلا بيقين. وتنعقد بأربعين من الجن كما قاله القمولي، لكن عن النص: من ادعى أنه يرى الجن يكفر لمخالفته لقوله تعالى: * (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) *. وقال بعضهم: يمكن حمله على من ادعى رؤيتهم على ما خلقوا عليه، ويحمل كلام غيره على ما إذا تصوروا في صورة بني آدم ونحوهم اه. وهذا حسن. ولو كان في قرية أربعون أخرس فهل تنعقد جمعتهم؟ قال ابن القطان: يحتمل وجهين اه. والأوجه الجزم بعدم الانقعاد لأنه لا بد من الخطبة. ويشترط العدد المذكور من أول أركان الخطبة إلى الفراغ من الصلاة لأنه شرط في الابتداء، فكان شرطا في جميع الأجزاء كالوقت، ويشترط أن يسمعوا أركان الخطبتين كما سيأتي. (و) على هذا (لو انفض الأربعون) الحاضرون (أو بعضهم في الخطبة لم يحسب المفعول) من أركانها (في غيبتهم) لعدم سماعهم له، وقد قال تعالى * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) * قال أكثر المفسرين: المراد به الخطبة، فلا بد أن يسمع أربعون جميع أركان الخطبتين. ولا يأتي هنا الخلاف الآتي في الانفضاض من الصلاة لأن كل واحد مصل بنفسه، فجاز أن يتسامح في نقصان العدد في الصلاة.
والمقصود من الخطبة إسماع الناس، فإذا انفض الأربعون بطل حكم الخطبة، وإذا انفض بعضهم بطل حكم العدد.
والمراد بالأربعين العدد المعتبر وهو تسعة وثلاثون على الأصح، فلو كان مع الامام الكامل أربعون فانفض واحد منهم لم يضر، وأورد بعضهم هذه على المتن. (ويجوز البناء على ما مضى) منها (إن عاد وأقبل طول الفصل) عرفا كما في المجموع، كما يجوز البناء لو سلم ناسيا ثم تذكر قبل طول الفصل، ولان ذلك لا يمنع الجمع بين الصلاتين في جميع التقديم.
(وكذا بناء الصلاة على الخطبة إن انفضوا بينهما) وعادوا قبل طول الفصل لما مر، (فإن عادوا بعد طوله) في المسألتين (وجب الاستئناف) فيهما للخطبة (في الأظهر) سواء كان بعذر أم لا، لأنه عليه الصلاة والسلام لم ينقل عنه ذلك إلا متواليا، وكذا الأئمة من بعده، ولان الموالاة لها موقع في استمالة النفس. والثاني: لا يجب الاستئناف لأن الغرض من ألفاظ الخطبة هو الوعظ والتذكير. ومن الصلاة إيقاع الفرض في جماعة وهو حاصل مع التفريق. وخرج بعادوا ما لو عاد بدلهم، فلا بد من الاستئناف وإن قصر الفصل. (وإن انفضوا) أي الأربعون أو بعضهم، (في الصلاة) بأن أخرجوا أنفسهم من الجماعة في الركعة الأولى أو أبطلوها، (بطلت) أي الجمعة لفوات العدد المشروط في دوامها فيتمها من بقي ظهرا. وعلى هذا لو أحرم الامام وتباطأ المأمومون أو بعضهم بالاحرام عقب إحرام الامام ثم أحرموا، فإن تأخر تحرمهم عن ركوعه فلا جمعة لهم وإن لم يتأخر عن ركوعه، فإن أدركوا الركوع مع الفاتحة صحت جمعتهم وإلا فلا لادراكهم الركوع والفاتحة معه في الأولى دون الثاني وسبقه في الأول بالتكبير والقيام، كما لم يمنع إدراكهم الركعة لا يمنع انعقاد الجمعة، وهذا ما جرى عليه الامام والغزالي، وقال البغوي: إنه المذهب، وجزم به صاحب الأنوار وابن المقري، وهو المعتمد. وقال الشيخ أبو محمد الجويني: يشترط أن لا يطول الفصل بين إحرامه وإحرامهم. (وفي قول لا) تبطل (إن بقي)