مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٢٧٢
لا يتأتى تأخيرها عن وقتها. (و) بين (المغرب والعشاء كذلك) أي تقديما في وقت الأولى وتأخيرا في وقت الثانية. (في السفر الطويل) المباح للاتباع. أما جمع التأخير فثابت في الصحيحين من حديث أنس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وأما جمع التقديم فصححه ابن حبان والبيهقي من حديث معاذ وحسنه الترمذي. نعم المتحيرة لا تجمع تقديما كما قاله في زيادة الروضة والمجموع. قال في المهمات: ووجه امتناعه أن الجمع في وقت الأولى شرطه تقدم الأولى صحيحة يقينا أو ظنا، وهو منتف ههنا بخلاف الجمع في وقت الثانية. قال الزركشي: ومثلها في جمع التقديم فاقد الطهورين وكل من لم تسقط صلاته بالتيمم، قال شيخنا: ولو حذف بالتيمم كان أولى، أي ليشمل غير المتيمم. (وكذا) يجوز له الجمع في السفر (القصير في قول) قديم كالتنفل على الراحلة، ووجه مقابلة القياس على القصر، والمجموعة في وقت الأخرى أداء كالأخرى لأن وقتيهما صارا واحدا. وخرج بما ذكر الصبح من غيرها والعصر مع المغرب فلا جمع فيهما لأنه لم يرد.
ولا في الحضر ولا في سفر قصر ولو لمكي ولا في سفر معصية. وأشار بقوله: يجوز إلى أن الأفضل ترك الجمع خروجا من خلاف أبي حنيفة، وصرح بذلك في الروضة من غير استثناء، لكن يستثنى في الحج الجمع بعرفة كما قاله الامام، وبمزدلفة كما بحثه الأسنوي، فإن الجمع فيهما أفضل قطعا فإنه مستحب للاتباع، وسببه السفر في الأظهر لا النسك كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الحج، وإن صحح المصنف في منسكه الكبير أن سببه النسك لأنه خلاف ما صححه في سائر كتبه.
ويستثنى أيضا الشاك والراغب عن الرخصة كما اقتضاه كلام البغوي في التعليق وغيره، ومن إذا جمع صلى جماعة أو خلا عن حدثه الدائم أو كشف عورته فالجمع أفضل كما قاله الأذرعي، وكذا من خاف فوت عرفة أو عدم إدراك العدو لاستنقاذ أسير ونحو ذلك. (فإن كان سائرا وقت الأولى) نازلا في وقت الثانية كسائر يبيت بمزدلفة، (فتأخيرها أفضل، وإلا) بأن لم يكن سائرا وقت الأولى بأن كان نازلا فيه سائرا في وقت الثانية، (فعكسه) للاتباع، رواه الشيخان في الظهر والعصر وأبو داود وغيره في المغرب والعشاء، ولأنه أوفق للمسافر. وما قررت به كلام المتن هو ظاهر كلامهم، وبقي ما لو كان سائرا في وقتيهما أو نازلا فيه، فالذي يظهر أن التأخير أفضل، لأن وقت الثانية وقت للأولى حقيقة بخلاف العكس. (وشروط التقديم ثلاثة) بل أربعة، أحدها: (البداءة بالأولى) لأن الوقت لها والثانية تبع لها، فلو صلى العصر قبل الظهر لم تصح ويعيدها بعد الظهر إن أراد الجمع، وكذا لو صلى العشاء قبل المغرب لأن التابع لا يتقدم على متبوعه. (فلو صلاهما) مبتدئا بالأولى (فبان فسادها) بفوات شرط أو ركن (فسدت الثانية) أيضا لانتفاء شرطها من البداءة بالأولى، والمراد بفسادها بطلان كونها عصرا أو عشاء لا أصل الصلاة بل تنعقد نافلة على الصحيح كما نقله في الكفاية عن البحر وأقره، كما لو أحرم بالفرض قبل وقته جاهلا بالحال. (و) ثانيها: (نية الجمع) ليتميز التقديم المشروع عن التقديم سهوا. (ومحلها) الفاضل (أول الأولى) كسائر المنويات فلا يكفي تقديمها بالاتفاق، (وتجوز في أثنائها في الأظهر) لحصول الغرض بذلك، والثاني: لا يجوز قياسا على نية القصر بجامع أنهما رخصتا سفر. وأجاب الأول بأن الجمع هو ضم الثانية إلى الأولى فحيث وجدت نيته وجد، بخلاف نية القصر فإنها لو تأخرت لتأدي بعض الصلاة على التمام، وحينئذ يمتنع القصر كما مر. وعلى الأول تجوز مع التحلل منها أيضا في الأصح وإن أوهم تعبيره بالاثناء عدم الصحة، وقدرت الفاضل تبعا للشارح لأجل الخلاف بعدم الصحة فيما إذا نوى في أثنائها فإنه لا فضل فيه. ولو نوى الجمع أول الأولى ثم نوى تركه ثم قصد فعله ففيه القولان في نية الجمع في أثنائها كما نقله في الروضة عن الدارمي. ولو شرع في الظهر أو المغرب بالبلد في سفينة فسارت فنوى الجمع، فإن لم تشترط النية مع التحرم صح لوجود السفر وقتها وإلا فلا. قال بعض المتأخرين: ويفرق بينها وبين حدوث المطر في أثناء الأولى حيث لا يجمع به كما سيأتي بأن السفر باختياره فنزل اختياره له في ذلك منزلته بخلاف المطر حتى لو لم يكن
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532