معناهما لأن ذلك يقطع نظم الصلاة. وصوب الأسنوي عدم البطلان في التنحنح والسعال والعطاس للغلبة وإن كثرت إذ لا يمكن الاحتراز عنها اه. وينبغي أن يكون محل الأول ما إذا لم يصر السعال أو نحوه مرضا ملازما له. أما إذا صار السعال ونحوه كذلك فإنه لا يضر كمن به سلس بول ونحوه بل أولى. (لا) تعذر (الجهر) فلا يعذر في يسير التنحنح له، (في الأصح) لأنه سنة لا ضرورة إلى التنحنح له. وفي معنى الجهر سائر السنن كقراءة السورة والقنوت وتكبيرات الانتقالات ، وإن قال الأسنوي المتجه جواز التنحنح للجهر بأذكار الانتقالات عند الحاجة إلى سماع المأمومين، إذ لا يلزمه تصحيح صلاة غيره.
فروع: لو جهل بطلانها بالتنحنح مع علمه بتحريم الكلام فمعذور لخفاء حكمه على العوام، ولو علم تحريم الكلام وجهل كونه مبطلا لم يعذر كما لو علم تحريم شرب الخمر دون إيجابه الحد فإنه يحد، إذ حقه بعد العلم بالتحريم الكف.
ولو تكلم ناسيا لتحريم الكلام في الصلاة بطلت كنسيان النجاسة على ثوبه، صرح به الجويني وغيره. ولو جهل تحريم ما أتى به منه مع علمه بتحريم جنس الكلام فمعذور كما شمله كلام ابن المقري في روضه، صرح به أصله، وكذا لو سلم ناسيا ثم تكلم عامدا، أي يسيرا كما ذكره الرافعي في الصوم. ولو تنحنح إمامه فبان منه حرفان لم يفارقه حملا على العذر لأن الظاهر تحرزه عن المبطل، والأصل بقاء العبادة، وقد تدل كما قال السبكي قرينة حال الإمام على خلاف ذلك فتجب المفارقة. قال الزركشي: ولو لحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى وجب مفارقته كما لو ترك واجبا، لكن هل يفارقه في الحال أو حتى يركع لجواز أنه لحن ساهيا وقد يتذكر فيعيد الفاتحة؟ الأقرب الأول، لأنه لا تجوز متابعته في فعل السهو اه. بل الأقرب الثاني لأن إمامه لو سجد قبل ركوعه لم تجب مفارقته في الحال. (ولو أكره) المصلي (على الكلام) اليسير في صلاته (بطلت في الأظهر) لأنه أمر نادر كالاكراه على الحدث، والثاني: لا تبطل كالناسي. أما الكثير فتبطل به جزما. (ولو نطق بنظم القرآن بقصد التفهم ك * (يا يحيى خذ الكتاب) *) مفهما به من يستأذن في أخذ شئ أن يأخذه، ومثل قوله لمن استأذن عليه في دخول: * (ادخلوها بسلام) *، وقوله لمن ينهاه عن فعل شئ: * (يوسف أعرض عن هذا) *. (إن قصد معه) أي التفهيم (قراءة لم تبطل) لأنه قرآن فصار كما لو قصد القرآن وحده، ولان عليا رضي الله تعالى عنه كان يصلي فدخل رجل من الخوارج فقال: لا حكم إلا لله ورسوله، فتلا علي: * (فاصبر إن وعد الله حق) *. (وإلا) أبان قصد التفهيم فقط أو لم يقصد شيئا، (بطلت) به لأنه فيهما بشبه كلام الآدميين فلا يكون قرآنا إلا بالقصد. قال في الدقائق: يفهم من قول المنهاج أربع مسائل ، إحداها:
إذا قصد القراءة، الثانية: إذا قصد القراءة والاعلام، الثالثة: إذا قصد الاعلام فقط، الرابعة: أن لا يقصد شيئا، ففي الأولى والثانية لا تبطل، وفي الثالثة والرابعة تبطل، وتفهم الرابعة من قوله وإلا بطلت كما يفهم منه الثالثة، وهذه الرابعة لم يذكرها المحرر، وهي نفيسة لا يستغنى عن بيانها، وسبق مثلها في قول المنهاج وتحل أذكاره لا بقصد قرآن اه. وسومح في أخذ الأولى والرابعة من كلامه لأنه جعل الكلام فيما لو قصد التفهيم، وجعل في ذلك قسمين وهما: قصد القراءة معه، وعدم قصدها معه، فلا يندرج في ذلك قصد القراءة فقط وعدم قصد شئ أصلا لأن ما قصد فيه التفهيم يستحيل أن يندرج فيه ما لا يقصد فيه التفهيم. وهذا التفصيل يجري في الفتح على الإمام بالقرآن والجهر بالتكبير أو التسميع، فإنه إن قصد الرد مع القراءة أو القراءة فقط أو قصد التكبير أو التسميع فقط أو مع الاعلام لم تبطل وإلا بطلت، وإن كان في كلام بعض المتأخرين ما يوهم خلاف ذلك.
وخرج بقوله بنظم القرآن ما لو أتى بكلمات منه متوالية مفرداتها فيه دون نظمها، ك يا إبراهيم سلام كن فإن صلاته تبطل، فإن فرقها أو قصد بها القراءة لم تبطل به، نقله في المجموع عن المتولي وأقره. وقضيته أنه لو قصد بها القراءة في الشق الأول أن صلاته تبطل، وهو ظاهر كما قال شيخنا في شرح البهجة فيما إذا لم يقصد القراءة بكل كلمة على انفرادها وإلا لم تبطل، ونقل في المجموع عن العبادي أنه لو قال: * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب النار) * بطلت صلاته إن تعمد، وإلا فلا، ويسجد للسهو.