(وسهو الفعل) المبطل لفحشه أو كثرته (كعمده) في بطلان الصلاة به، (في الأصح) فيبطل كثيره وفاحشه لندور السهو ولأنه يقطع نظم الصلاة. والثاني واختاره في التحقيق: أنه كعمد قليله، واختاره السبكي وغيره لما مر في حديث ذي اليدين، وجهل التحريم كالسهو أخذا مما سيأتي. (وتبطل بقليل الاكل) لشدة منافاته لها لأن ذلك يشعر بالاعراض عنها، وقيل: لا تبطل به كسائر الأفعال القليلة، أما الكثير فتبطل به قطعا، ويرجع في القلة والكثرة إلى العرف كما مر. وهل المبطل الفعل أو وصول المفطر جوفه؟ وجهان أصحهما الثاني، وسيأتي أن المضغ أيضا من الافعال. (قلت: إلا أن يكون ناسيا) للصلاة (أو جاهلا تحريمه) لقرب عهده بالاسلام أو لبعده عن العلماء فلا تبطل بقليله قطعا، (والله أعلم) لعدم منافاته للصلاة. أما كثيره فيبطل مع النسيان أو الجهل في الأصح ولو مفرقا بخلاف الصوم فإنه لا يبطل بذلك. وفرقوا بأن للصلاة هيئة مذكرة بخلافه، وهذا لا يصلح فرقا في جهل التحريم، والفرق الصالح لذلك أن الصلاة ذات أفعال منظومة والفعل الكثير يقطع نظمها بخلاف الصوم فإنه كف، والمكره هنا كغيره لندرة الاكراه. (فلو كان بفمه سكرة) فذابت (فبلع) بكسر اللام وحكي فتحها، (ذوبها) بمص ونحوه لا بمضغ، (بطلت) صلاته (في الأصح) لمنافاته للصلاة كما مر، والثاني: لا تبطل لعدم المضغ. ثم إن المضغ من الافعال فتبطل بكثيره وإن لم يصل إلى الجوف شئ من الممضوغ. (ويسن للمصلي) أن يتوجه (إلى) سترة نحو (جدار أو سارية) أي عمود كخشبة مبنية (أو) إلى نحو (عصا مغروزة) كمتاع عند عجزه عن المرتبة الأولى للاتباع في ذلك رواه الشيخان، ولخبر: استتروا في صلاتكم ولو بسهم رواه الحاكم وقال: على شرط مسلم. (أو بسط مصلى) عند عجزه عن المرتبة الثانية كسجادة بفتح السين. (أو خط قبالته) عند عجزه عن المرتبة الثالثة خطا طولا كما في الروضة، روى أبو داود خبر: إذا صلى أحدكم فليجعل أمام وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا، ثم لا يضره ما مر أمامه.
وقيس بالخط المصلي، وقدم على الخط لأنه أظهر في المراد. وطول المذكورات حتى الخط ثلثا ذراع فأكثر تقريبا، وبينها وبين المصلي ثلاثة أذرع فأقل، وإذا صلى إلى شئ منها على هذا الترتيب سن له وكذا لغيره كما صرح به الأسنوي وغيره تفقها (دفع المار) بينه وبينها. والمراد بالمصلي والخط منهما أعلاهما، وذلك لخبر الشيخين: إذا صلى أحدكم إلى شئ يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان أي معه شيطان، أو هو شيطان الانس.
(والصحيح تحريم المرور حينئذ) وإن لم يجد المار سبيلا آخر، لخبر: لو يعلم المار بين يدي المصلي - أي إلى السترة - ماذا عليه من الاثم لكان أن يقف أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه رواه الشيخان، إلا من الاثم فالبخاري، وإلا خريفا فالبزار. وقضية هذا وجوب الدفع، وقد بحثه الأسنوي لحرمة المرور وهو قادر على إزالتها، وليس كدفع الصائل، فإن من لم يوجبه احتج بخبر: كن عبد الله المظلوم ولا تكن عبد الله الظالم والمنقول عدم الوجوب، وبهذا يلغز، ويقال لنا حرام لا يجب إنكاره. قال شيخنا: وكأن الصارف عن وجوبه شدة منافاته لمقصود الصلاة من الخشوع والتدبر، وأيضا للاختلاف في تحريمه، والتحريم مقيد بما إذا لم يقصر المصلي بصلاته في المكان، وإلا كأن وقف بقارعة الطريق فلا حرمة بل ولا كراهة كما قاله في الكفاية أخذا من كلامهم، وبما إذا لم يجد المار فرجة أمامه وإلا فلا حرمة، بل له خرق الصفوف والمرور بينها ليسد الفرجة كما قاله في الروضة كأصلها، وفيها: لو صلى بلا سترة أو تباعد عنها، أي أو لم تكن بالصفة المذكورة، فليس له الدفع لتقصيره ولا يحرم المرور بين يديه، لكن الأولى تركه، فقوله في غيرها: لكن يكره محمول على الكراهة غير الشديدة. قال: وإذا صلى إلى سترة فالسنة أن يجعلها مقابلة ليمينه أو يساره، ولا يصمد لها - بضم الميم - أي ولا يجعلها تلقاء وجهه، وإذا دفع دفع بالأسهل فالأسهل كدفع الصائل، فإن أدى إلى موته فهدر.