على خشن فرفع رأسه لئلا تنجرح جبهته ثم سجد ثانيا بطلت صلاته، وإن كان تحامل على الخشن بثقل رأسه في أحد احتمالين للقاضي حسين يظهر ترجيحه وإلا فتبطل، والاحتمال الثاني تبطل مطلقا. وخرج بقول المصنف: فعل القول، فلو نقل ركنا قوليا غير السلام أو كرره عمدا فإنه لا يضر على النص كما سيأتي في الباب الآتي. أما نقل السلام إلى غير محله فإنه يضر كما مرت الإشارة إليه. (وإلا) أي وإن لم يكن المفعول من جنس أفعالها كالمشي والضرب، (فتبطل بكثيره) ولو سهوا لأن الحاجة لا تدعو إليه، إما إذا دعت الحاجة إليه كصلاة شدة الخوف أو المتنفل على الراحلة إذا احتاج إلى تحريك يده أو رجله فإنه لا يضر وإن كثر. (لا قليله) ولو عمدا، وفارق الفعل القول حيث استوى قليله وكثيره في الابطال بأن الفعل يتعذر أو يعسر الاحتراز عنه، فعفي عن القدر الذي لا يخل بالصلاة بخلاف القول، وقد ثبت أنه (ص) صلى وهو حامل أمامة بنت بنته، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها رواه الشيخان، وأمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب وخلع نعليه في صلاته. نعم الاكل القليل العمد يبطلها كما سيأتي، وكذا الفعل القليل بقصد اللعب كما يؤخذ مما مر.
(والكثرة) والقلة (بالعرف) في الأصح، فما يعده الناس قليلا كخلع الخف ولبس الثوب الخفيف وقتل قملة ودمها عفو فقليل، نعم إن حمل جلد القملة المقتولة بطلت صلاته، ومثل المصنف لذلك بقوله: (فالخطوتان) المتوسطتان (أو الضربتان) كذلك أو الإشارة برد السلام (قليل) لحديث خلع النعلين. وما يعده الناس كثيرا مما ذكر أو غيره فكثير، وقد مثل له المصنف بقوله: (والثلاث) من ذلك أو غيره (كثير إن توالت) سواء أكانت من جنس الخطوات أم أجناس كخطوة وضربة وخلع نعل، وسواء أكانت الخطوات الثلاث بقدر خطوة واحدة أم لا كما قاله الإمام. وقيل: القليل ما لا يحتاج فيه إلى كلتا اليدين، والكثير ما يحتاج إلى ذلك كعقد الإزار والتعمم، وقيل: الكثير ما يسع وقته ركعة، والقليل خلافه، وقيل غير ذلك. وخرج بقوله: إن توالت ما لو أتى بالثلاث متفرقة بحيث تعد الثانية مثلا منقطعة عن الأولى أو الثانية منقطعة عن الثالثة فإنه لا يضر لحديث حمل أمامة، وعند البغوي أن يكون بينهما قدر ركعة. ولو فعل واحدة بنية الثلاث بطلت صلاته كما قاله العمراني، وإذا تكلم بحرف ونوى أن يأتي بحرفين هل تبطل صلاته قياسا على ذلك أو لا؟ ولم أر من تعرض له، والظاهر الأول، ولو تردد في فعل فعله هل وصل إلى حد الكثرة أو لا لم يضر كما قاله الإمام لأن الأصل عدمه. (وتبطل بالوثبة) لمنافاتها للصلاة، وقوله: (الفاحشة) يفهم أن لنا وثبة غير فاحشة لا تبطل الصلاة وليس مرادا، ولذلك عدل ابن المقري عن هذه العبارة إلى قوله: ولو فحشت الفعلة كوثبة بطلت. (لا الحركات الخفيفة المتوالية كتحريك أصابعه) بلا حركة كفه (في سبحة) أو عقد أو حل (أو حك) أو نحو ذلك، كتحريك لسانه أو أجفانه أو شفتيه أو ذكره مرارا ولاء فلا تبطل بذلك، (في الأصح) إذ لا يخل ذلك بهيئة الخشوع والتعظيم فأشبه بالفعل القليل، والثاني: تبطل بذلك لأنها أفعال كثيرة متوالية فأشبهت الخطوات، فإن حرك كفه في ذلك ثلاثا متوالية بطلت خلافا للزركشي، وما يفهم من كلام الإمام من التسوية بينها وبين الأصابع. نعم إن كان معه جرب لا يقدر معه على الصبر لم تبطل بتحريك كفه ثلاثا ولاء كما قاله الخوارزمي في كافيه للضرورة، ولو فتح كتابا وفهم ما فيه أو قرأ في مصحف ولو قلب أوراقه أحيانا لم تبطل لأن ذلك يسيرا وغير متوال لا يشعر بالاعراض. والقليل من الفعل الذي يبطل كثيره إذا تعمده بلا حاجة مكروه، لا في فعل مندوب كقتل نحو حية وعقرب فلا يكره بل يندب كما مر.
فائدة: هل الخطوة نقل رجل واحدة فقط حتى يكون نقل الأخرى إلى محاذاتها خطوة أخرى، أو نقل الأخرى إلى محاذاتها داخل في مسمى الخطوة؟ قال ابن أبي شريف في شرح الارشاد: كل منهما محتمل والثاني أقرب. أما نقل كل من الرجلين على التعاقب إلى التقدم أو التأخر إلى الأخرى فخطوتان فلا إشكال اه. والمتجه ما قاله في ذلك شيخي وهو أن نقل الرجل الأخرى خطوة ثانية مطلقا لأن الخطوة بفتح الخاء المرة الواحدة، وأما بالضم قاسم لما بين القدمين.