(ص): لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار رواه الحاكم. وقال: إنه على شرط مسلم، والمراد بالحائض:
البالغ التي بلغت سن الحيض، لأن الحائض في زمن حيضها لا تصح صلاتها بخمار ولا غيره. فإن عجز وجب أن يصلي عاريا ويتم ركوعه وسجوده ولا إعادة عليه في الأصح، وقيل: يومئ بهما ويعيد، وقيل: يتخير بين الايماء والاتمام.
فإن قيل: ما الحكمة في السترة في الصلاة؟ أجيب بأن مريد التمثيل بين يدي كبير يتجمل بالستر والتطهر والمصلي يريد التمثل بين يدي ملك الملوك فالتجمل له بذلك أولى ويجب ستر العورة في غير الصلاة أيضا ولو في الخلوة إلا لحاجة كاغتسال وقال صاحب الذخائر: يجوز كشف العورة في الخلوة لأدنى غرض وقال: يشترط حصول الحاجة قال: ومن الأغراض كشف العورة للتبريد وصيانة الثوب من الأدناس والغبار عند كنس البيت وغيره، وإنما وجب الستر في الخلوة لاطلاق الامر بالستر، ولان الله تعالى أحق أن يستحيا منه فإن قيل: ما فائدة الستر، في الخلوة مع أن الله سبحانه وتعالى لا يحجب عن بصره شئ؟ أجيب بأن الله سبحانه وتعالى يرى عبده المستور متأدبا دون غيره. ولا يجب ستر عورته عن نفسه بل يكره نظره إليها من غير حاجة. والعورة لغة النقصان والشئ المستقبح، وسمي المقدار الآتي بيانه بذلك لقبح ظهوره، والعورة تطلق على ما يجب ستره في الصلاة وهو المراد هنا، وعلى ما يحرم النظر إليه، وسيأتي إن شاء الله تعالى في النكاح. (وعورة الرجل) أي الذكر ولو عبدا أو كافرا أو صبيا ولو غير مميز، وتظهر فائدته في الطواف إذا أحرم عنه وليه، (ما بين سرته وركبته) لما روى الحارث بن أبي أسامة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال: عورة المؤمن ما بين سرته إلى ركبته وروى البيهقي: وإذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا تنظر - أي الأمة - إلى عورته والعورة ما بين السرة والركبة. (وكذا الأمة) ولو مدبرة ومكاتبة ومستولدة ومبعضة عورتها ما بين السرة والركبة. (في الأصح) إلحاقا لها بالرجل يجامع أن رأس كل منهما ليس بعورة.
والثاني: عورتها كالحرة إلا رأسها، أي عورتها ما عدا الوجه والكفين والرأس. والثالث: عورتها ما لا يبدو منها في حال خدمتها، بخلاف ما يبدو كالرأس والرقبة والساعد وطرف الساق، وخرج بذلك السرة والركبة فليسا من العورة على الأصح، وقيل: الركبة منها دون السرة، وقيل عكسه، وقيل: السوأتان فقط، وبه قال مالك وجماعة.
فائدة: السرة موضع الذي يقطع من المولود والسر ما يقطع من سرته، ولا يقال له سرة لأن السرة لا تقطع، وجمع السرة سرر وسرات. والركبة موصل بين أطراف الفخذ وأعالي الساق، والجمع ركب، وكل حيوان ذي أربع ركبتاه في يديه وعرقوباه في رجليه. (و) عورة (الحرة ما سوى الوجه والكفين) ظهرهما وبطنهما من رؤوس الأصابع إلى الكوعين، لقوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) *. قال ابن عباس وعائشة رضي الله تعالى عنهم: هو الوجه والكفان. وفي قوله أو وجه أن باطن قدميها ليس بعورة. وقال المزني: ليس القدمان عورة.
والخنثى كالأنثى رقا وحرية، فإن اقتصر الحر على ستر ما بين سرته وركبته لم تصح صلاته على الأصح في الروضة، والأفقه في المجموع للشك في الستر، وصحح في التحقيق الصحة، ونقل في المجموع في نواقض الوضوء عن البغوي وكثير القطع به للشك في عورته، وقال الأسنوي: وعليه الفتوى. وعلى الأول يجب القضاء وإن بان ذكرا للشك حال الصلاة، ويمكن أن يقال: إذا دخل في الصلاة مقتصرا على ذلك لم تصح صلاته للشك في الانعقاد، وإن دخل مستورا كالحرة وانكشف شئ من غير ما بين السرة والركبة لم يضر للشك في البطلان نظير ما قالوه في صلاة الجمعة أن العدو لو كمل يخشى لم تنعقد الجمعة للشك في الانعقاد، وإن انعقدت الجمعة بالعدد المعتبر وهناك خنثى زائد عليه ثم بطلت صلاة واحد منهم وكمل العدد بالخنثى لم تبطل الصلاة، لأنا تيقنا الانعقاد وشككنا في البطلان. (وشرطه) أي الساتر (ما) أي جرم (منع إدراك لون البشرة) لا حجمها، فلا يكفي ثوب رقيق ولا مهلهل لا يمنع إدراك اللون ولا زجاج يحكي اللون لأن مقصود الستر لا يحصل بذلك. أما إدراك الحجم فلا يضر لكنه للمرأة مكروه وللرجل خلاف الأولى. قال الماوردي وغيره: فإن قيل يرد على عبارته الظلمة فإنها مانعة