مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٩
الماء وحده ولو كمله بمائع يستهلك فيه لكفاه وجب تكميل الماء به إن لم تزد قيمته على قيمة ماء مثله. أما الملح المائي فلا يضر التغير به وإن كثر لأنه ينعقد من الماء، والماء المستعمل كمائع فيفرض مخالفا وسطا للماء في صفاته لا في تكثير الماء، فلو ضم إلى ماء قليل فبلغ قلتين صار طهورا وإن أثر في الماء بفرضه مخالفا. (ولا يضر تغير) يسير بطاهر (لا يمنع الاسم)، لتعذر صون الماء عنه ولبقاء إطلاق اسم الماء عليه، وكذلك لو شك في أن تغيره كثير أو يسير. نعم إن تغير كثيرا ثم شك في أن التغير الآن يسير أو كثير لم يطهر عملا بالأصل في الحالين، قاله الأذرعي. (ولا) يضر في الطهارة بالماء (متغير بمكث) بتثليث ميمه مع إسكان كافه، وإن فحش التغير. (وطين وطحلب) بضم الطاء وبضم اللام وفتحها: شئ أخضر يعلو الماء من طول المكث.
(وما في مقره وممره) ككبريت وزرنيخ ونورة لتعذر صون الماء عن ذلك، ولا يضر أوراق شجر تناثرت وتفتتت واختلطت وإن كانت ربيعية أو بعيدة عن الماء لتعذر صون الماء عنها، فلا يمنع التغير به إطلاق اسم الماء عليه وإن أشبه التغير به في الصورة التغير الكثير بمستغنى عنه لا إن طرحت وتفتتت أو أخرج منه الطحلب أو الزرنيخ ودق ناعما وألقي فيه فغيره فإنه يضر، أو تغير بالثمار الساقطة فيه لامكان التحرز عنها غالبا. (وكذا) لا يضر في الطهارة (متغير بمجاور) طاهر (كعود ودهن) ولو مطيبين وكافور صلب، (أو بتراب) ولو مستعملا، (طرح) بقصد في غير تراب تطهير النجاسة الكلبية ونحوها، (في الأظهر) لأن تغيره بذلك لكونه في غير التراب تروحا وفي التراب كدورة لا يمنع إطلاق اسم الماء عليه، نعم إن تغير حتى صار لا يسمى إلا طينا رطبا ضر. والثاني يضر كالمتغير بنجس مجاور في الأول وبزعفران في الثاني. وفرق الأول بلغظ أمر النجاسة وبطهورية التراب ولان تغيره به مجرد كدورة. وما تقرر في التراب المستعمل هو المعتمد وهو مقتضى التعليل الثاني كما اعتمده شيخي وإن خالف فيه بعض المتأخرين. ولو صب المتغير بمخالط لا يضر على ما لا تغير فيه فتغير به كثيرا ضر، لأنه تغير بما يمكن الاحتراز عنه، قاله ابن أبي الصيف، وقال الأسنوي: إنه المتجه. وعليه يقال لنا ماءان تصح الطهارة بكل منهما منفردا ولا تصح بهما مختلطين، والمخالط هو الذي لا يتميز في رأى العين. وقيل: ما لا يمكن فصله بخلاف المجاور فيهما. وقيل: المعتبر العرف، فالتراب مخالط على الأول ومجاور على الثاني لأنه يمكن فصله بعد رسوبه، أما التغير بتراب تطهير النجاسة الكلبية ونحوها أو بتراب تهب به الريح أو طرح بلا قصد كأن ألقاه صبي، قال الأذرعي:
فلا يضر جزما.
تنبيه: كان الأحسن أن المصنف يحذف الميم من قوله: ولا متغير بمكث، ومن قوله: وكذا متغير بمجاور، فيقول: ولا تغير بمكث، وكذا: تغير بمجاور، لأن المتغير لا يصح التغير به لأنه لا يضر نفسه، بل المضر التغير. ويندفع ذلك بما فائدة: الكافور نوعان: خليط ومجاور، وكذا قدرته بقولي في الطهارة تبعا للشارح:
(فائدة) الكافور نوعان: خليط ومجاور وكذا القطران. واختلف في التغير بالكتان، والذي عليه الأكثر أنه يتغير بشئ يتحلل منه فيكون كالتغيير بمخالط. (ويكره) شرعا تنزيها الماء (المشمس) أي ما سخنته الشمس: أي استعماله في البدن في الطهارة وغيرها كأكل وشرب، لما روى الشافعي عن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يكره الاغتسال به، وقال:
إنه يورث البرص. لكن بشرط أن يكون ببلاد حارة، أي تقلبه الشمس عن حالته إلى حالة أخرى - كما نقله في البحر عن الأصحاب - في آنية منطبعة غير النقدين، وهي كل ما طرق كالنحاس ونحوه. وأن يستعمل في حال حرارته، لأن الشمس بحدتها تفصل منه زهومة تعلو الماء فإذا لاقت البدن بسخونتها خيف أن تقبض عليه فيحتبس الدم فيحصل البرص، بخلاف ما إذا استعمله في غير بدنه كغسل ثوبه فلا يكره لفقد العلة المذكورة، وبخلاف المسخن بالنار المعتدلة وإن سخن بنجس ولو بروث نحو كلب وإن قال بعضهم فيه وقفة، فلا يكره لعدم ثبوت نهي عنه ولذهاب الزهومة لقوة تأثيرها، وبخلاف ما إذا كان في بلاد باردة أو معتدلة، وبخلاف المشمس في غير المنطبع كالخزف والحياض أو في منطبع نقد لصفاء جوهره و استعمل في البدن بعد أن برد. وأما المطبوخ به فقال الماوردي والروياني: إنه إن بقي مائعا كره وإن لم يبق مائعا كالخبز والأرز
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532