لا سيما في يوم الغيم. والتقييد بانصرافهم يقتضي سن الرفع قبله لعدم خفاء الحال عليهم. قال في المهمات: وفيه نظر لأنه يوهم غيرهم من أهل البلد. قال: وإنما قيدوا بوقوع جماعة لأنه لا يسن له الاذان قبله لأنه مدعو بالأول ولم ينته حكمه.
(ويقيم للفائتة) المكتوبة قطعا من يريد فعلها لأنها افتتاح الصلاة وهو موجود. (ولا يؤذن) لها (في الجديد) لأن النبي (ص) فاته يوم الخندق صلوات فقضاها ولم يؤذن لها. رواه الشافعي وأحمد رضي الله تعالى عنهما في مسنديهما بإسناد صحيح كما قاله في المجموع. وإنما جاز لهم تأخير الصلاة لشغلهم بالقتال، وكان ذلك قبل نزول صلاة الخوف، والقديم:
يؤذن لها، أي حيث تفعل جماعة ليجامع القديم السابق في المؤداة، فإنه إذا لم يؤذن المنفرد لها فالفائتة أولى كما قاله الرافعي وعلى ما تقدم عنه من اقتصار الجمهور في المؤداة على أنه يؤذن يجري القديم هنا على إطلاقه فيؤذن لها سواء أفعلت جماعة أم لا، إذ ليس ثم قديم يقول بأن الاذان لا يندب للمنفرد في المؤداة على طريقة الجمهور. (قلت: القديم أظهر والله أعلم) لأنه (ص) لما نام في الوادي هو وأصحابه حتى طلعت الشمس، فساروا حتى ارتفعت الشمس ثم نزل (ص) فتوضأ ثم أذن بلال رضي الله عنه بالصلاة، فصلى (ص) ركعتين ثم صلى صلاة الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم رواه مسلم.
والاذان في الجديد حق للوقت، وفي القديم حق للفريضة وهو المعتمد، وفي الاملاء حق للجماعة. (فإن كان فوائت) وأراد قضاءها في وقت واحد (لم يؤذن لغير الأولى) بلا خلاف كما ذكره في المحرر والشرح والروضة، لكن حكى ابن كج فيه وجهين: في الأولى الخلاف السابق ويقيم لكل منها، فإن قضاها متفرقات ففي الاذان لكل واحدة الخلاف السابق، ولو أتبع الفائتة بحاضرة بلا فصل طويل لم يؤذن للحاضرة إلا إن دخل وقتها بعد أذان الفائتة فيعيده للاعلام بوقتها. نعم لو أذن لمؤداة ثم تذكر فائتة لا يسن الاذان لها إذا والى بينها وبين المؤداة، لأن هذا ليس وقتها حقيقة.
وأيضا فإنهم قالوا: لا يوالي بين أذانين إلا في هذه الصورة المذكورة، والاستثناء معيار العموم، قلت ذلك بحثا ولم أر من ذكره. ولو جمع جمع تقديم أو جمع تأخير والى فيه، وبدأ بصاحبة الوقت أذن للأولى في الصورتين دون الثانية بلا خلاف، وإن بدأ بغير صاحبة الوقت ووالى بينهما لم يؤذن للثانية بلا خلاف، وفي الأولى الخلاف السابق فيؤذن لها على الراجح ويقيم للثانية فقط لأنه (ص) جمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة بأذان وإقامتين رواه الشيخان من رواية جابر، ورويا من رواية ابن عمر أنه صلاهما بإقامتين وأجابوا عنه بأنه إنما حفظ الإقامة، وقد حفظ جابر الاذان فوجب تقديمه لأن معه زيادة علم، فإن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وبأن جابر استوفى حجة النبي (ص) وأتقنها فهو أولى بالاعتماد. (ويندب لجماعة النساء الإقامة) بأن تأتي بها إحداهن، (لا الاذان على المشهور) فيهما، لأن الاذان يخاف من رفع المرأة الصوت به الفتنة، والإقامة لاستنهاض الحاضرين ليس فيها رفع صوت كالاذان. والثاني: يندبان بأن تأتي بهما واحدة منهن، لكن لا ترفع صوتها فوق ما تسمع صواحبها. والثالث: لا يندبان الاذان لما تقدم والإقامة تبع له، ويجري الخلاف في المنفردة بناء على ندب الاذان للمنفرد. أما إذا قلنا لا يندب له فلا يندب لها جزما، فلو قال:
ويندب للنساء لكان أولى. قال في المجموع: والخنثى المشكل في هذا كله كالمرأة. وعلى الأول لو أذنت لها أولهن سرا لم يكره، وكان ذكر الله تعالى، أو جهرا بأن رفعت صوتها فوق ما تسمع صواحبها، قال شيخنا في شرح الروض:
وثم أجنبي حرم كما يحرم تكشفها بحضرة الرجال، لأنه يفتتن بصوتها كما يفتتن بوجهها. وأسقط: وثم أجنبي، من شرح البهجة تبعا للشيخين، وذكره أولى للتعليل المذكور. فإن قيل: قد جوزوا غناءها بحضرة الأجنبي فلم لا سووا بينهما؟
أجيب بأن الغناء يكره للأجنبي استماعه وإن أمن الفتنة، والاذان يستحب له استماعه. فلو جوز للمرأة لأدى إلى أن يؤمر الأجنبي باستماع ما يخشى منه الفتنة وهو ممتنع. وينبغي أن تكون قراءتها كالأولى لأنه يسن استماع القرآن.
(والاذان) معظمه (مثنى) هو معدول عن اثنين اثنين. وإنما قدرت في كلامه ذلك لأن التكبير في أوله أربع، ولا إله إلا الله في آخره مرة، والحكمة في إفرادها الإشارة إلى وحدانية الله تعالى وكلماته مشهورة، وعدتها بالترجيع