إلى شيئين لتأويله بالمجموع كما قدرته تبعا للشارح، ولو أتى به مثنى كما فعل في المحرر لكان أولى. (وقيل) هما (فرض كفاية) للحديث المتقدم الفصل، ولأنهما من الشعائر الظاهرة وفي تركهما تهاون، فلو اتفق أهل البلد على تركهما قوتلوا على هذا دون الأول. وقيل: هما فرض كفاية في الجمعة دون غيرها لأنهما دعاء إلى الجماعة، والجماعة واجبة في الجمعة مستحبة في غيرها فيكون الدعاء إليها كذلك، وعلى هذا فالواجب في الجمعة هو الذي يقام بين يدي الخطيب. وهل يسقط بالأول؟
فيه وجهان، وينبغي السقوط. وشرط حصولهما فرضا أو سنة أن يظهرا في البلد بحيث يبلغ جميعهم لو أصغوا، فيكفي في القرية الصغيرة في موضع وفي الكبيرة في مواضع يظهر الشعار بها، فلو أذن واحد في جانب فقط حصلت السنة فيه دون غيره.
(وإنما يشرعان لمكتوبة) دون غيرها من سائر الصلوات كالسنن وصلاة الجنازة والمنذورة لعدم ثبوتهما فيه، بل يكرهان فيه كما صرح به صاحب الأنوار وغيره. وأما قول صاحب الذخائر: إن المنذورة يؤذن لها ويقيم إذا قلنا يسلك بها مسلك واجب الشرع، فقال المصنف: إنه غلط منه وهو كثير الغلط، فقد اتفق الأصحاب على أنه لا يؤذن لها ولا يقيم، وبما قررت به عبارته سقط ما قيل إنه يرد عليه أن الاذان يشرع في أذن المولود اليمنى والإقامة في اليسرى كما يأتي في العقيقة، وأنه يشرع إذا تغولت الغيلان أي غردت الجان لخبر صحيح ورد فيه.
تنبيه: إنما عبر ب يشرعان دون يسنان ليأتي ذلك على قولي السنة والفرض. (ويقال في العيد ونحوه) من كل نفل تشرع فيه الجماعة كما صرح به في الحاوي، كالعيد والكسوف والاستسقاء والتراويح حيث يفعل ذلك جماعة، قال شيخنا:
والوتر حيث يسن جماعة فيما يظهر اه. وهذا دخل في كلامهم (الصلاة جامعة) لوروده في الصحيحين في كسوف الشمس، وقيس به الباقي، والجزءان منصوبان: الأول على الاغراء والثاني بالحالية، أي احضروا الصلاة والزموها حالة كونها جامعة، ويجوز رفعهما على المبتدأ والخبر ورفع أحدهما على أنه مبتدأ حذف خبره أو عكسه، ونصب الآخر على الاغراء في الجزء الأول وعلى الحالية في الثاني، وكالصلاة جامعة الصلاة كما نص عليه في الام، أو هلموا إلى الصلاة والصلاة رحمكم الله، أو نحو ذلك كالصلاة الصلاة. وخرج بذلك الجنازة والمنذورة والنافلة التي لا تسن الجماعة فيها كالضحى، أو سنت فيها لكن صليت فرادى فلا يسن لها ذلك. أما غير الجنازة فظاهر، وأما الجنازة فلان المشيعين لها حاضرون فلا حاجة للاعلام. (والجديد) قال الرافعي: الذي قطع به الجمهور، (ندبه) أي الاذان (للمنفرد) في بلد أو صحراء إذا أراد الصلاة للحديث الآتي. والقديم: لا يندب له، لانتفاء المعنى المقصود منه وهو الاعلام. وظاهر إطلاقه تبعا للمحرر مشروعية أذان المنفرد وإن بلغه أذان غيره، وهو الأصح في التحقيق والتنقيح، وقال الأسنوي: إن العمل عليه، وهذا هو المعتمد وإن صحح في شرح مسلم أنه لا يؤذن، وقال الأذرعي: هو الذي نعتقد رجحانه: ويكفي في أذانه إسماع نفسه بخلاف أذان الاعلام للجماعة فيشترط فيه الجهر بحيث يسمعونه، لأن ترك ذلك يخل بالأعلام ويكفي فيه إسماع واحد. أما الإقامة فتسن على القولين، ويكفي فيها إسماع نفسه أيضا بخلاف المقيم للجماعة كما في الاذان لكن الرفع فيها أخفض. (ويرفع) المنفرد بديا (صوته) بالاذان. روى البخاري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة: أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة، سمعته من رسول الله (ص) أي سمعت ما قلته لك، يعني قوله: إني أراك تحب الغنم إلخ بخطاب لي، أي من النبي (ص) كما فهمه الإمام الغزالي والماوردي وأورده باللفظ الدال على ذلك، أي لم يوردوه بلفظ الحديث بل بمعناه، فقالوا: إن النبي (ص) قال لأبي سعيد الخدري : إنك تحب الغنم إلخ. إنما فعلوا ذلك ليظهر الاستدلال على أذان المنفرد ورفع صوته. وقيل: إن ضمير سمعته لقوله لا يسمع إلخ فقط. (إلا بمسجد) أو نحوه كرباط من أمكنة الجماعات كما بحثه الأسنوي، (وقعت فيه جماعة) قال في الروضة كأصلها:
وانصرفوا. قال ابن المقري: أو أذن فيه، فيسن أن لا يرفع صوته لئلا يتوهم السامعون دخول وقت الصلاة الأخرى