فيه في زمنه (ص). نعم إن ضيق على المصلين أو شوش عليهم حرم النوم فيه، قاله في المجموع، قال: ولا يحرم إخراج الريح فيه لكن الأولى اجتنابه لقوله (ص): الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. (و) ثانيهما: (القرآن) لمسلم، أي ويحرم بالجنابة القرآن باللفظ وبالإشارة من الأخرس كما قاله القاضي في فتاويه، فإنها منزلة النطق هنا، ولو بعض آية كحرف للاخلال بالتعظيم سواء أقصد مع ذلك غيرها أم لا، ولحديث الترمذي وغيره: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن. ويقرأ روي بكسر الهمزة على النهي وبضمها على الخبر المراد به النهي، ذكره في المجموع وضعفه، لكن له متابعات تجبر ضعفه. والحائض والنفساء في ذلك كالجنب، وسيأتي حكمهما في باب الحيض. ولمن به حدث أكبر إجراء القرآن على قلبه ونظر في المصحف وقراءة ما نسخت تلاوته وتحريك لسانه وهمسه بحيث لا يسمع نفسه لأنها ليست بقراءة قرآن.
وفاقد الطهورين يقرأ الفاتحة وجوبا فقط للصلاة لأنه مضطر إليها، خلافا للرافعي في قوله: لا يجوز له قراءتها كغيرها. أما خارج الصلاة فلا يجوز له أن يقرأ شيئا ولا أن يمس المصحف مطلقا ولا أن توطأ الحائض أو النفساء إذا انقطع دمها. وأما فاقد الماء في الحضر فيجوز له إذا تيمم أن يقرأ ولو في غير الصلاة. أما الكافر فلا يمنع من القراءة لأنه لا يعتقد حرمة ذلك كما قاله الماوردي.
وإما تعليمه وتعلمه فذكرته وفوائد أخر في باب الحدث. (وتحل) لجنب (أذكاره) وغيرها كمواعظه وأخباره وأحكامه، (لا بقصد قرآن) كقوله عند الركوب: * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) * أي مطيقين، وعند المصيبة: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * ولا ما جرى به لسانه بلا قصد. فإن قصد القرآن وحده أو مع الذكر حرم، وإن أطلق فلا كما نبه عليه في الدقائق لعدم الاخلال بحرمته لأنه لا يكون قرآنا إلا بالقصد، قاله المصنف وغيره. وظاهر أن ذلك جار فيما يوجد نظمه في غير القرآن كالآيتين المتقدمتين، والبسملة والحمدلة، وما لا يوجد نظمه إلا فيه كسورة الاخلاص وآية الكرسي، وهو كذلك، وإن قال الزركشي: لا شك في تحريم ما لا يوجد نظمه في غير القرآن، وتبعه على ذلك بعض المتأخرين كما شمل ذلك قول الروضة. أما إذا قرأ شيئا منه لا على قصد القرآن فيجوز، ولو عبر المصنف بها هنا كان أولى ليشمل ما قدرته، بل أفتى شيخي بأنه لو قرأ القرآن جميعه لا بقصد القرآن جاز. (وأقله) أي غسل الواجب الذي لا يصح بدونه أمران:
أحدهما: (نية رفع جنابة) أي رفع حكمها إن كان جنبا، ورفع حدث الحيض إن كانت حائضا، أو لتوطأ كما في الروضة وأصلها، أو الغسل من الحيض كما قاله ابن المقرئ فلو نوى رفع الجنابة وحدثه الحيض أو عكسه، أو نوى رفع جنابة الجماع، وجنابته باحتلام أو عكسه صح مع الغلط دون العمد كنظيره في الوضوء، ذكر ذلك في المجموع، أي ولو كان غير ما عليه لا يمكن أن يكون منه كالحيض من الرجل كما قال به شيخي خلافا لبعض المتأخرين. وقضية تعليمهم إيجاب الغسل في النفاس لكونه دم حيض مجتمع أنه يصح نية أحدهما بالآخر عمدا أو لا، وبه جزم في البيان. وتكفي نية رفع الحدث عن كل البدن، وكذا مطلقا في الأصح لاستلزام رفع المطلق رفع المقيد، ولأنه ينصرف إلى حدثه لوجود القرينة الحالية، فلو نوى الأكبر كان تأكيدا، وصورة المسألة فيما إذا اجتمعا عليه إن قلنا باندراج الأصغر وإلا وجب التعيين، قاله الماوردي وتبعه المصنف في التحقيق. فلو نوى رفع الحدث الأصغر عمدا لم ترتفع جنابته لتلاعبه، أو غلطا ارتفعت عن أعضاء الأصغر لأن غسلها واجب في الحدثين وقد غسلها بنيته إلا الرأس فلا ترتفع عنه لأن غسله وقع عن مسحه الذي هو فرض في الأصغر، وهو إنما نوى المسح وهو لا يغني عن الغسل، بخلاف غسل باطن لحية الرجل الكثيفة فإنه يكفي لأن غسل الوجه هو الأصل، فإذا غسله فقد أتى بالأصل. أما غير أعضاء الأصغر فلا ترتفع جنابته لأنه لم ينوه. قال في المجموع: ولو اجتمع على المرأة غسل حيض وجنابة كفت نية أحدهما قطعا. (أو) نية (استباحة مفتقر إليه) أي إلى الغسل، كأن ينوي استباحة الصلاة أو الطواف مما يتوقف على غسل، فإن نوى ما لا يفتقر إليه كالغسل ليوم العيد لم يصح، وقيل: إن ندب له صح. (أو أداء فرض الغسل) أو فرض الغسل أو الغسل المفروض أو أداء الغسل، وكذا الطهارة للصلاة كما في الكفاية، وتقدم الاستشكال فيها والجواب عنه في باب الوضوء. فعلم من ذلك أن الجمع بين الفرض والأداء لا يجب وإن اقتضته عبارة المصنف وأن النية لا تنحصر فيما ذكره. وأما إذا نوى