مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٧٢
فيه في زمنه (ص). نعم إن ضيق على المصلين أو شوش عليهم حرم النوم فيه، قاله في المجموع، قال: ولا يحرم إخراج الريح فيه لكن الأولى اجتنابه لقوله (ص): الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. (و) ثانيهما: (القرآن) لمسلم، أي ويحرم بالجنابة القرآن باللفظ وبالإشارة من الأخرس كما قاله القاضي في فتاويه، فإنها منزلة النطق هنا، ولو بعض آية كحرف للاخلال بالتعظيم سواء أقصد مع ذلك غيرها أم لا، ولحديث الترمذي وغيره: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن. ويقرأ روي بكسر الهمزة على النهي وبضمها على الخبر المراد به النهي، ذكره في المجموع وضعفه، لكن له متابعات تجبر ضعفه. والحائض والنفساء في ذلك كالجنب، وسيأتي حكمهما في باب الحيض. ولمن به حدث أكبر إجراء القرآن على قلبه ونظر في المصحف وقراءة ما نسخت تلاوته وتحريك لسانه وهمسه بحيث لا يسمع نفسه لأنها ليست بقراءة قرآن.
وفاقد الطهورين يقرأ الفاتحة وجوبا فقط للصلاة لأنه مضطر إليها، خلافا للرافعي في قوله: لا يجوز له قراءتها كغيرها. أما خارج الصلاة فلا يجوز له أن يقرأ شيئا ولا أن يمس المصحف مطلقا ولا أن توطأ الحائض أو النفساء إذا انقطع دمها. وأما فاقد الماء في الحضر فيجوز له إذا تيمم أن يقرأ ولو في غير الصلاة. أما الكافر فلا يمنع من القراءة لأنه لا يعتقد حرمة ذلك كما قاله الماوردي.
وإما تعليمه وتعلمه فذكرته وفوائد أخر في باب الحدث. (وتحل) لجنب (أذكاره) وغيرها كمواعظه وأخباره وأحكامه، (لا بقصد قرآن) كقوله عند الركوب: * (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) * أي مطيقين، وعند المصيبة: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * ولا ما جرى به لسانه بلا قصد. فإن قصد القرآن وحده أو مع الذكر حرم، وإن أطلق فلا كما نبه عليه في الدقائق لعدم الاخلال بحرمته لأنه لا يكون قرآنا إلا بالقصد، قاله المصنف وغيره. وظاهر أن ذلك جار فيما يوجد نظمه في غير القرآن كالآيتين المتقدمتين، والبسملة والحمدلة، وما لا يوجد نظمه إلا فيه كسورة الاخلاص وآية الكرسي، وهو كذلك، وإن قال الزركشي: لا شك في تحريم ما لا يوجد نظمه في غير القرآن، وتبعه على ذلك بعض المتأخرين كما شمل ذلك قول الروضة. أما إذا قرأ شيئا منه لا على قصد القرآن فيجوز، ولو عبر المصنف بها هنا كان أولى ليشمل ما قدرته، بل أفتى شيخي بأنه لو قرأ القرآن جميعه لا بقصد القرآن جاز. (وأقله) أي غسل الواجب الذي لا يصح بدونه أمران:
أحدهما: (نية رفع جنابة) أي رفع حكمها إن كان جنبا، ورفع حدث الحيض إن كانت حائضا، أو لتوطأ كما في الروضة وأصلها، أو الغسل من الحيض كما قاله ابن المقرئ فلو نوى رفع الجنابة وحدثه الحيض أو عكسه، أو نوى رفع جنابة الجماع، وجنابته باحتلام أو عكسه صح مع الغلط دون العمد كنظيره في الوضوء، ذكر ذلك في المجموع، أي ولو كان غير ما عليه لا يمكن أن يكون منه كالحيض من الرجل كما قال به شيخي خلافا لبعض المتأخرين. وقضية تعليمهم إيجاب الغسل في النفاس لكونه دم حيض مجتمع أنه يصح نية أحدهما بالآخر عمدا أو لا، وبه جزم في البيان. وتكفي نية رفع الحدث عن كل البدن، وكذا مطلقا في الأصح لاستلزام رفع المطلق رفع المقيد، ولأنه ينصرف إلى حدثه لوجود القرينة الحالية، فلو نوى الأكبر كان تأكيدا، وصورة المسألة فيما إذا اجتمعا عليه إن قلنا باندراج الأصغر وإلا وجب التعيين، قاله الماوردي وتبعه المصنف في التحقيق. فلو نوى رفع الحدث الأصغر عمدا لم ترتفع جنابته لتلاعبه، أو غلطا ارتفعت عن أعضاء الأصغر لأن غسلها واجب في الحدثين وقد غسلها بنيته إلا الرأس فلا ترتفع عنه لأن غسله وقع عن مسحه الذي هو فرض في الأصغر، وهو إنما نوى المسح وهو لا يغني عن الغسل، بخلاف غسل باطن لحية الرجل الكثيفة فإنه يكفي لأن غسل الوجه هو الأصل، فإذا غسله فقد أتى بالأصل. أما غير أعضاء الأصغر فلا ترتفع جنابته لأنه لم ينوه. قال في المجموع: ولو اجتمع على المرأة غسل حيض وجنابة كفت نية أحدهما قطعا. (أو) نية (استباحة مفتقر إليه) أي إلى الغسل، كأن ينوي استباحة الصلاة أو الطواف مما يتوقف على غسل، فإن نوى ما لا يفتقر إليه كالغسل ليوم العيد لم يصح، وقيل: إن ندب له صح. (أو أداء فرض الغسل) أو فرض الغسل أو الغسل المفروض أو أداء الغسل، وكذا الطهارة للصلاة كما في الكفاية، وتقدم الاستشكال فيها والجواب عنه في باب الوضوء. فعلم من ذلك أن الجمع بين الفرض والأداء لا يجب وإن اقتضته عبارة المصنف وأن النية لا تنحصر فيما ذكره. وأما إذا نوى
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532