معها ذلك كان قطعت إحدى يديه يسن له تقديم اليمنى. (و) من سننه (إطالة غرته) بغسل زائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه، وغايتها غسل صفحة العنق مع مقدمات الرأس. (و) إطالة (تحجيله) بغسل زائد على الواجب من اليدين والرجلين من جميع الجوانب، وغايته استيعاب العضدين والساقين، ولا فرق في ذلك بين بقاء محل الفرض وسقوطه. والأصل في ذلك خبر الصحيحين: إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل، وخبر مسلم: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة بإسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله. ومعنى غرا محجلين بيض الوجوه واليدين والرجلين كالفرس الأغر، وهو الذي في وجهه بياض، والمحجل: وهو الذي قوائمه بيض. وهذا من خصائص هذه الأمة كما يؤخذ من الحديث الثاني. وأما الوضوء ففيه خلاف تقدم، والراجح أنه ليس من خصائصها. (و) سننه (الموالاة) بين الأعضاء في التطهير بحيث لا يجف الأول قبل الشروع في الثاني مع اعتدال الهواء ومزاج الشخص نفسه والزمان والمكان. ويقدر الممسوح مغسولا، هذا في غير وضوء الضرورة كما تقدم وما لم يضق الوقت، وإلا فتجب، والاعتبار بالغسلة الأخيرة. ولا يحتاج التفريق الكثير إلى تجديد نية عند عزوبها لأن حكمها باق.
(وأوجبها القديم) لخبر أبي داود: أنه (ص) رأى رجلا يصلي وفي قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة. ودليل الجديد ما روي: أنه (ص) توضأ في السوق فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه، فدعي إلى جنازة فأتى المسجد فمسح على خفيه وصلى عليها، قال الإمام الشافعي: وبينهما تفريق كثير. وقد صح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما التفريق ولم ينكر عليه أحد، ولأنها عبادة لا يبطلها التفريق اليسير، فكذا الكثير كالحج. وقال في المجموع:
إن الحديث الذي استند إليه في القديم ضعيف. ومحل الخلاف في التفريق بغير عذر وفي طول التفريق، أما بالعذر فلا يضر قطعا، وقيل: يضر على القديم، وأما اليسير فلا يضر إجماعا. (و) من سننه (ترك الاستعانة) بالصب عليه لغير عذر، لأنه الأكثر من فعله (ص)، ولأنها نوع من التنعيم والتكبر وذلك لا يليق بالمتعبد، والاجر على قدر النصب، وهي خلاف الأولى. وقيل: تكره. وخرج بقيد الصب الاستعانة بغسل الأعضاء فهي مكروهة، والاستعانة بإحضار الماء فهي لا بأس بها أما إذا كان ذلك لعذر كمرض فلا تكون خلاف الأولى ولا مكروهة دفعا للمشقة، بل قد تجب الاستعانة إذا لم يمكنه التطهر إلا بها ولو ببذل أجرة مثلا. والمراد بترك الاستعانة الاستقلال بالافعال، لا طلب الإعانة فقط، حتى لو أعانه غيره ولو ساكت كان الحكم كذلك وإن اقتضى التعبير بالاستعانة عدم ثبوت هذا الحكم حينئذ. وإذا استعان بالصب فليقف المعين على اليسار لأنه أعون وأمكن وأحسن أدبا، قاله في المجموع. (و) من سننه ترك (النفض) للماء في الأصح، لأنه كالتبري من العبادة فهو خلاف الأولى كما جزم به المصنف في التحقيق، وقال في شرحي مسلم والوسيط: إنه الأشهر، قال في المهمات: وبه الفتوى، وقيل: مكروه كما جزم به الرافعي في شرحيه، وقيل: مباح تركه فعله سواء، ورجحه المصنف في زيادة الروضة وفي المجموع ونكت التنبيه. (وكذا التنشيف) بالرفع أي تركه من بلل ماء الوضوء بلا عذر خلاف الأولى، (في الأصح) لأنه يزيل أثر العبادة، ولأنه (ص) بعد غسله من الجنابة أتته ميمونة بمنديل فرده وجعل يقول بالماء هكذا ينفضه، رواه الشيخان. ولا دليل في ذلك لإباحة النفض، فقد يكون فعله (ص) لبيان الجواز. والثاني: فعله وتركه سواء، قال في شرح مسلم. وهذا هو الذي نختاره ونعمل به. والثالث: فعله مكروه. ولو ترك قوله وكذا ليعود الخلاف إلى النفض كما قدرته لكان أولى. أما إذا كان هناك عذر كحر أو برد أو التصاق نجاسة فلا كراهة قطعا، أو كان يتيمم عقب الوضوء لئلا يمنع البلل في وجهه ويديه التيمم، قال في المجموع: ولا يقال إنه خلاف المستحب. قال الأذرعي: بل يتأكد استحبابه عند ذلك. فإن قيل: كان الأولى للمصنف أن يعبر بالنشف على زنة الضرب لأن فعله نشف بكسر الشين على الأشهر كما ذكره أهل اللغة، والتعبير بالتنشيف يقتضي أن المسنون ترك المبالغة فيه، وليس مرادا. يجيب بأن التنشيف أخذ الماء بخرقة ونحوها كما في القاموس، والتعبير به هو المناسب. وأما النشف بمعنى الشرب فلا يظهر هنا إلا بنوع تكلف كما قاله أبو عبد الله القاياتي. وإذا نشف فالأولى أن لا يكون بذيله وطرف ثوبه ونحوهما، قال في الذخائر: فقد قيل إن ذلك يورث الفقر. فإن كان معه من يحمل الثوب الذي يتنشف فيه وقف