خف فوق خف وإن لم يكن واسعا لتعلق الحكم به. والثاني: يجزئ، لأن شدة البرد قد تحوج إلى لبسه، ونزعه عند كل وضوء للمسح على الأسفل مشقة. وأجاب الأول بأنه لا مشقة عليه في ذلك، إذ يمكنه أن يدخل يده بينهما ويمسح الأسفل، فإن لم يصح واحد منهما للمسح عليه لم يصح قطعا، وإن صلح الاعلى دون الأسفل صح المسح عليه، والأسفل كلفافة وإن صلح الأسفل دون الاعلى، فإن لم يصل البلل للأسفل لم يصح، وإن وصل إليه لا يقصد الاعلى فقط بأن قصد الأسفل ولو مع الاعلى أو لم يقصد شيئا كفى، ويأتي هذا التفصيل أيضا في القويين: كأن يصل إلى الأسفل من محل خرز الاعلى، ولو تخرق الأسفل من القويين وهو على طهارة لبسهما مسح الاعلى لأنه صار أصلا لخروج الأسفل عن صلاحيته للمسح، أو وهو محدث فلا كاللبس على حدث، أو وهو على طهارة المسح فوجهان: أظهرهما كما هو مقتضى كلام الروضة، وعليه اختصر أبو عبد الله الحجازي كلامها أنه يمسح كما لو كان على طهارة اللبس. قال البغوي: والخف ذو الطاقين غير الملتصقين كالجرموقين، قال: وعندي يجوز مسح الاعلى فقط لأن الجميع خف واحد، فمسح الأسفل كمسح باطن الخف اه. وينبغي اعتماده. ولو لبس خفا على جبيرة لم يجز المسح عليه لأنه ملبوس فوق ممسوح فأشبه العمامة، ويؤخذ من ذلك أنه لو تحمل المشقة وغسل رجليه ثم وضع الجبيرة ثم لبس الخف أنه يجوز له المسح لعدم ما ذكر. (ويجوز مشقوق قدم شد) بالشرج، وهي العرا، بحيث لا يظهر شئ من محل الفرض إذا مشى، أي فيكفي المسح عليه . (في الأصح) لحصول الستر وتيسر المشي فيه. والثاني: لا يجوز، فلا يكفي المسح عليه، كما لو لف على قدمه قطعة أدم وأحكمها بالشد فإنه لا يمسح عليها كما مر. وأجاب الأول بعسر الارتفاق بها فيما مر. فإن قيل: المشقوق لا يسمى خفا بل زربولا وقد مر اشتراط كون الممسوح عليه يمسى خفا. أجيب بأنا لا نعول على مجرد التسمية فقط بل مع مراعاة العلة، لأنا إنما أخرجنا بذلك قطعة الادم ونحوها وعللناها بعسر الارتفاق، فحيث كان فيه ذلك المعنى الموجود في الخف كفى. (ويسن مسح) ظاهر (أعلاه) أي الساتر لمشط الرجل، (وأسفله) وعقبه وحرفه، (خطوطا) بأن يضع يده اليسرى تحت العقب واليمنى على ظهر الأصابع ثم يمر إلى ساقه، أي إلى آخره كما صرح به الدميري. كما أنه يستحب غسله كذلك، ولكن في المجموع أنه لا يسن مسحه، واليسرى إلى أطراف الأصابع من تحت مفرجا بين أصابع يديه، ولا يضمها لئلا يصير مستوعبا له.
ولا يسن استيعابه بالمسح، ويكره تكراره وغسله لأن ذلك مفسد للخف، ولو فعل ذلك أجزأه، ومقتضى ذلك أنه لا كراهة وإذا كان الخف من نحو زجاج وأمكن المشي فيه. (ويكفي مسمى مسح) كمسح الرأس فيكفي بيد وعود ونحوهما، لأن المسح ورد مطلقا ولم يصح في تقدير شئ، فتعين الاكتفاء بما ينطلق عليه الاسم. ولا بد أن يكون المسح (يحاذي) أن يقابل (الفرض) من الظاهر لا من باطنه الملاقي للبشرة فلا يكفي اتفاقا. فإن قيل: مقتضى التشبيه بالرأس أن الخف لو كان عليه شعر أن المسح يكفي عليه مع أنه لا يكفي الاقتصار على مسح الشعر جزما كما قاله الدميري. أجيب بأنه لا يلزم من التشبيه أن يعطى المشبه حكم المشبه به من كل وجه. (إلا أسفل الرجل وعقبها فلا) يكفي المسح عليهما (على المذهب) لأن الاقتصار عليهما لم يرد، وثبت الاقتصار على الاعلى، والرخصة يجب فيها الاتباع. وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله (ص) يمسح على ظاهر خفيه. والعقب بفتح العين وكسر القاف ويجوز إسكانها مع فتح العين وكسرها: مؤخر الرجل، وهي مؤنثة وجمعها أعقاب. وقد مر أنه (ص) قال: ويل للأعقاب من النار (قلت: حرفه كأسفله والله أعلم) لاشتراكهما في عدم الرؤية غالبا، فلا يكفي الاقتصار عليه لقربه منه. (ولا مسح لشاك) سواء في ذلك المسافر والمقيم، (في بقاء المدة) هل انقضت أو لا أوشك المسافر هل ابتدأ في السفر أو في الحضر، لأن المسح رخصة بشروط: منها المدة، فإذا شك فيها رجع إلى الأصل وهو الغسل. وظاهر كلامه أن الشك إنما يؤثر في منع المسح لا أنه يقتضي الحكم بانقضاء المدة، وهو كذلك، فلو زال الشك وتحقق بقاء المدة جاز المسح)