مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٧٥
مسلم عن سفينة: أنه (ص) كان يغسله الصاع ويوضئه المد. أما من لم يعتدل جسده فيعتبر بالنسبة إلى جسده (ص) كما قاله العز بن عبد السلام زيادة ونقصا. (ولا حد له) أي لماء الوضوء والغسل، فلو نقص عن ذلك وأسبغ كفى. قال الشافعي: قد يرفق بالقليل فيكفي، ويخرق بالكثير فلا يكفي. وفي خبر أبي داود: أنه (ص) توضأ بإناء فيه قدر ثلثي مد. وظاهر عبارة المصنف عدم النقص عن المد والصاع لا الاقتصار عليهما. وعبر آخرون بأنه يندب المد والصاع، وقضيته أنه يندب الاقتصار عليهما. قال ابن الرفعة: ويدل له الخبر وكلام الأصحاب لأن الرفق محبوب، وهذا هو الظاهر، وإن نازع الأسنوي، ابن الرفعة فيما نسبه للأصحاب. ولا تنحصر السنن فيما قاله المصنف، بل يسن أن يستصحب النية إلى آخر الغسل، وأن لا يغتسل في الماء الراكد ولو كثر، أو بئر معينة كما في المجموع، بل يكره ذلك لخبر مسلم: لا يغتسل أحدكم في الماء الراكد وهو جنب فقيل لأبي هريرة الراوي للحديث: كيف يفعل؟
قال: يتناوله تناولا. قال في المجموع: قال في البيان: والوضوء فيه كالغسل، وهو محمول كما قال شيخنا على وضوء الجنب.
وإنما كره ذلك لاختلاف العلماء في طهورية ذلك الماء، أو لشبهه بالماء المضاف إلى شئ لازم كماء الورد، فيقال ماء عرق أو وسخ. وينبغي أن يكون ذلك في غير المستبحر، وأن يكون اغتساله بعد بول لئلا يخرج بعده مني، وأن يأتي بالتشهد المذكور في الوضوء عقبه. وحكم الموالاة هنا كحكمها في الوضوء، وأن يرتبه فيبدأ بعد الوضوء بأعضائه كما في الروضة وغيرها لشرفها، ثم بالرأس، ثم بالبدن مبتدئا بأعلى ذلك بأن يفيض الماء على كل منهما مبتدئا بالأيمن من كل منهما بالأعلى كما علم مما مر.
فائدة: قال في الاحياء: لا ينبغي أن يقلم أو يحلق أو يستحد أو يخرج دما أو يبين من نفسه جزءا وهو جنب، إذ يرد إليه سائر أجزائه في الآخرة فيعود جنبا، ويقال: إن كل شعرة تطالب بجنابتها.
فرع: يجوز أن ينكشف للغسل في خلوة أو بحضرة من يجوز له نظره إلى عورته، والستر أفضل لقوله (ص) لبهز بن حكيم: احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك. قال: أرأيت إن كان أحدنا خاليا؟ قال: الله أحق أن يستحيي منه الناس. فإن قيل: الله سبحانه وتعالى لا يحجب عنه شئ فما فائدة الستر له؟ أجيب بأن يرى متأدبا بين يدي خالقه ورازقه. (ومن به) أي ببدنه شئ (نجس يغسله ثم يغتسل) لأنه أبلغ في التطهير. والنجس بفتح الجيم: النجاسة. (ولا تكفي لهما غسلة) واحدة، (وكذا في الوضوء) لأنهما واجبان مختلفا الجنس فلا يتداخلان، وعلى هذا تقديم إزالته شرط لا ركن. (قلت: الأصح تكفيه والله أعلم) كما لو اغتسل من جنابة وحيض، ولان واجبهما غسل العضو وقد حصل، ومحل الخلاف إذا كان النجس حكميا كما في المجموع ويرفعهما الماء معا، وللسابعة في المغلظة حكم هذه الغسلة، فإن كان النجس عينا ولم تزل بقي الحدث، أما غير السابعة في النجاسة المغلظة فلا يرتفع حدث ذلك المحل لبقاء نجاسته.
فإن قيل: قد جزم في الروضة والمنهاج تبعا للرافعي في غسل الميت بأن أقل الغسل استيعاب بدنه بالماء بعد إزالة النجاسة مع أن الاكتفاء بالغسلة في الميت أولى، لأن النية لا تجب في غسله. أجاب الشارح في كتاب الجنائز بأنه مبني على ما صححه الرافعي في الحي، وترك الاستدراك عليه للعلم به مما قدمه. وأجاب غيره بأن ما ذكراه في الجنائز ليس بصريح في اشتراط تقدم إزالة النجاسة، لأن كلمة بعد لا تدل على الترتيب، فهي بمعنى مع كما في قوله تعالى: * (عتل بعد ذلك زنيم) *، أي: مع ذلك زنيم، أي دعي في قريش. فيكون التقدير استيعاب بدنه مع إزالة النجاسة، ونظير ذلك ما قاله المصنف في باب الوقف في قوله: وقفت على أولادي وأولاد أولادي بطنا بعد بطن أنه يقتضي التسوية بين الكل، وهذا الجواب أظهر. وقيل: يفرق بين غسل الحي والميت بأن هذا آخر أحواله فاحتيط له فيراعى في حقه الأكمل كما يجب تكفينه في ثلاثة أثواب لأنها حقه، حتى لو اتفق الورثة على ثوب واحد لم يجابوا إلى ذلك كما صححه في الروضة، مع أن المصنف جزم بما جزم به الرافعي في صفة غسل الجنابة من شرح المهذب. (ومن اغتسل لجنابة) أو نحوها كحيض
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532