حينئذ غسله وغسل يده، ذكره في المجموع. ولو خرز خفه بشعر نجس والخف أو الشعر رطب طهر بالغسل ظاهره دون محل الخرز، ويعفى عنه فلا ينجس الرجل المبتلة، ويصلى فيه الفرائض والنوافل لعموم البلوى به كما في الروضة في الأطعمة، خلافا لما في التحقيق من أنه لا يصلى فيه. وأن يكون قويا (يمكن) لقوته (تباع المشي فيه لتردد مسافر لحاجاته) عند الحط والترحال وغيرهما مما جرت به العادة، ولو كان لابسه مقعدا. واختلف في قدر المدة المتردد فيها، فضبطه المحاملي بثلاث ليال فصاعدا ووافقه الأسنوي في التنقيح. وقال في المهمات: إن المعتمد ما ضبطه الشيخ أبو حامد بمسافة القصر تقريبا.
وقال ابن النقيب: لو ضبط بمنازل ثلاثة أيام ولياليهن لم يبعد، قال: وهل المراد المشي فيه بمداس أم لا؟ لم أر من ذكره اه.
والذي يظهر من كلامهم الثاني، إذ لو كان المراد الأول لكان غالب الخفاف يحصل به بذلك. وينبغي أن يعتبر اعتدال الأرض سهولة وصعوبة، والأقرب إلى كلام الأكثرين كما قاله ابن العماد أن المعتبر التردد فيه بحوائج سفر يوم وليلة للمقيم ونحوه، وسفر ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر سفر قصر، لأنه بعد انقضاء المدة يجب نزعه، فقوته تعتبر بأن يمكن التردد فيه لذلك، وسواء في ذلك المتخذ من جلد أو غيره كلبد وزجاج وخرق مطبقة بخلاف ما لا يمكن المشي فيه لما ذكر لثقله كالحديد، أو لتحديد رأسه المانع له من الثبوت، أو ضعفه كجورب الصوفية والمتخذ من جلد ضعيف، أو لغلظه كالخشبة العظيمة، أو لفرط سعته أو ضيقه أو نحو ذلك، فلا يكفي المسح عليه إذ لا حاجة لمثل ذلك ولا فائدة في إدامته، قال في المجموع:
إلا إن كان الضيق يتسع بالمشي فيه. قال في الكافي: عن قرب كفى المسح عليه بلا خلاف. (قيل وحلالا) فلا يكفي المسح على المغصوب لأنه رخصة والرخصة لا تناط بالمعاصي. والأصح لا يشترط ذلك لأن الخف يستوفي به الرخصة لا أنه المجوز للرخصة، بخلاف منع القصر في سفر المعصية إذ المجوز له السفر، ولا يشكل ذلك بعدم صحة الاستجمار بالمحترم كما مر لأن الحرمة ثم لمعنى قائم بالآلة، بخلافه هنا، وعلى هذا فيكفي المسح على المغصوب والديباج الصفيق والمتخذ من فضة أو ذهب للرجل وغيره كالتيمم بتراب مغصوب. واستثنى في العباب ما لو كان اللابس للخف محرما بنسك، ووجهه ظاهر، والفرق بينه وبين المغصوب ونحوه: أن المحرم منهي عن اللبس من حيث هو لبس فصار كالخف الذي لا يمكن متابعة المشي عليه، والنهي عن لبس المغصوب ونحوه من حيث أنه متعد في استعمال مال الغير. واستثنى غيره جلد الآدمي إن اتخذ منه خفا، والظاهر عدم الاستثناء كما هو ظاهر كلام الأصحاب. فإن قيل: ساتر وما بعده أحوال مقيدة لصاحبها فمن أين يلزم الامر بها؟ إذ لا يلزم من الامر بشئ الامر بالمقيد له بدليل اضرب هندا جالسة. أجيب بأن محل ذلك إذا لم يكن الحال من نوع المأمور به ولا من فعل المأمور كالمثال المذكور، أما إذا كانت من نوعه نحو حج مفردا أو من فعله نحو ادخل مكة محرما فهي مأمور بها، وما هنا من هذا القبيل فيشترط في الخف جميع ما ذكر. (ولا يجزئ منسوج لا يمنع ماء) أي نفوذه إلى الرجل من غير محل الخرز لو صب عليه لعدم صفاقته، (في الأصح) لأن الغالب من الخفاف أنها تمنع النفوذ، فتنصرف إليها النصوص الدالة على الترخص فيبقى الغسل واجبا فيما عداها. والثاني: يجزئ كالمتخرق ظهارته من موضع وبطانته من آخر غير متحاذيين، فإنه يجوز وإن نفذ البلل إلى الرجل لو صب عليه.
تنبيه: لو حذف المصنف لفظة منسوج وقال ولا يجزئ ما لا يمنع ماء لشمل المنسوج وغيره. فإن قيل: بقي على المصنف من الشروط أن يسمي خفا، فلو لف قطعة أدم على رجليه وأحكمها بالشد وأمكن تباع المشي عليها لم يصح المسح عليها كما جزم به في أصل الروضة، لعسر إزالته وإعادته على هيئته مع استيفاز المسافر فلا يحصل الارتفاق المقصود بالمسح، فيتبع مورد النص وهو الخف. أجيب بأن ذلك يفهم من قوله أول الباب فإن الضمير في قوله يجوز عائد على المسح على الخف فخرج غيره. (ولا) يجزئ (جرموقان) وهما خف فوق خف كل منهما صالح للمسح عليه، فلا يجوز الاقتصار على مسح الاعلى منهما. (في الأظهر) لأن الرخصة وردت في الخف لعموم الحاجة إليه، والجرموق لا تعم الحاجة إليه، وهو بضم الجيم والميم فارسي معرب، وهو في الأصل شئ كالخف فيه وسع يلبس فوق الخف للبرد. وأطلق الفقهاء بأنه