الثانية. ولو صلى الصبح بطهارة عن حدث ثم جدد للظهر، ثم صلى العصر بطهارة عن حدث ثم جدد للمغرب، ثم صلى العشاء بطهارة عن حدث، ثم علم ترك مسح طهارة مهمة، أعاد صلاة طهارات الحدث وكذا غيرها. ويصح وضوء من على بعض بدنه نجاسة لا يعرف موضعها خلافا للقاضي. ولو بان بعد فراغه ترك ظفر فقطعه وجب غسل ما ظهر بقطعه وما بعده، وفي الحدث الأكبر يجب غسله فقط. ثم لما فرغ من ذكر الأركان شرع في بعض السنن، فقال: (وسننه) أي الوضوء، أي ومن سننه. (السواك) وهو لغة: الدلك وآلته، وشرعا: استعمال عود أو نحوه كأشنان في الأسنان وما حولها.
والأصل في ذلك قوله (ص): لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل وضوء أي أمر إيجاب، رواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم، وتعليقاته هكذا صحيحة. ومحله في الوضوء على ما قاله ابن الصلاح وابن النقيب في عمدته بعد غسل الكفين. وكلام الإمام وغيره يميل إليه وينبغي اعتماده. وقال الغزالي ك الماوردي والقفال: محله قبل التسمية، قال ابن النقيب في نكته: أو معها، مخالفا لما في عمدته. قال الأذرعي: وإذا تركه أوله أرى أن يأتي به في أثنائه كالتسمية وأولى. قال: ولم أره منقولا اه. وهو حسن. وقضية تخصيصهم الوضوء بالذكر أنه لا يطلب السواك للغسل، وإن طلب بكل حال، قيل: ولعل سبب ذلك الاكتفاء باستحبابه في الوضوء المسنون فيه. وسن كونه (عرضا) أي في عرض الأسنان ظاهرا وباطنا في طول الفم، لخبر: إذا استكتم فاستاكوا عرضا رواه أبو داود في مراسيله. ويجزئ طولا لكن مع الكراهة لأنه يدمي اللثة ويفسد لحم الأسنان، وقيل إن الشيطان يستاك طولا. أما اللسان فيسن أن يستاك فيه طولا كما ذكره ابن دقيق العيد، واستدل له بخبر في سنن أبي داود. ويحصل (بكل خشن) مزيل للقلح طاهر كعود من أراك أو غيره أو خرقة أو أشنان لحصول المقصود بذلك، لكن العود أولى من غيره والاراك أولى من غيره من العيدان. قال ابن مسعود: كنت أجتني لرسول الله (ص) سواكا من أراك رواه ابن حبان. وما أحسن قول القائل:
تالله إن جزت بوادي الأراك * وقبلت أغصانه الخضر فاك فابعث إلى المملوك من بعضها * فإنني والله ما لي سواك وقال آخر: طلبت منك سواكا وما طلبت سواكا وما أردت أراكا لكن أردت أراكا واليابس المندى بالماء أولى من الرطب ومن اليابس الذي لم يند ومن اليابس المندى بغير الماء كماء الورد، وعود النخل أولى من غير الأراك كما قاله في المجموع، وقيل الأولى بعد الأراك قضبان الزيتون، ويسن غسله للاستياك. ثانيا إذا حصل عليه وسخ أو ريح أو نحوه كما قاله في المجموع. ويكره غمسه في ماء وضوئه كما قاله الصيمري. ويستحب أن يمر السواك على سقف فمه بلطف وعلى كراسي أضراسه، ولا بأس بالاستياك بسواك غيره بإذنه. وحرم بدونه كالاستياك بما فيه سم، ويكره بعود وريحان يؤذي. وخرج بمزيل للقلح المبرد فلا يجزئ فإنه يزيل جزءا من السن، وبطاهر النجس فلا يجزئ لخبر: السواك مطهرة للفم مرضاة للرب رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما، والمطهرة بفتح الميم وكسرها كل إناء يتطهر به، أي منه. فشبه السواك به لأنه يطهر الفم. قاله في المجموع: أي فهو آلة تنظفه من الرائحة الكريهة.
وقوله: (بكل خشن) من زيادته بغير تمييز، وكذا قوله: (لا أصبعه) أي المتصلة به ولو كانت خشنة فلا تكفي (في الأصح) لأنه لا يسمى استياكا. أما المنفصلة الخشنة فتجزئ إن قلنا بطهارتها وهو الأصح، ودفنها مستحب لا واجب. وإن قلنا بنجاستها لم يجز كسائر النجاسات، خلافا للأسنوي، كما لا يجزئ الاستنجاء بها، وقيل: يجزئ. ويجب غسل الفم للنجاسة، وعلى هذا يفرق بينه وبين الاستنجاء بأن الاستنجاء بالحجر رخصة. وهي لا تناط بالمعاصي مع أن الغرض منه الإباحة، وهي لا تحصل بالنجاسة، بخلاف الاستياك فإنه عزيمة من أن الغرض منه إزالة الرائحة الكريهة، وهو حاصل. ويسن أن يستاك باليمين من يمنى فمه، قال الزنكلوني: إلى الوسط، ويفعل بالأيسر مثل ذلك لشرف الأيمن، ولأنه (ص) كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله وسواكه، رواه أبو داود. وقيل: إن كان المقصود به العبادة