الهدي الهدي بين الاحرام بالحج والصوم لزمه الهدي، لا أن وجده بعد الشروع في الصوم، بل يسن له للخروج من خلاف من أوجبه. وإذا مات المتمتع أو القارن الواجب عليه هدي لم يسقط عنه بل يخرج من تركته أو يصوم لكونه معسرا بذلك فكرمضان يسقط عنه إن لم يتمكن من فعله ويصام أو يطعم عنه من تركته لكل يوم مد إن تمكن.
باب محرمات الاحرام:
أي المحرمات به. والأصل فيه الأخبار الصحيحة، كخبر الصحيحين عن ابن عمر: أن رجلا سأل النبي (ص): ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال: لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئا مسه زعفران أو ورس زاد البخاري: ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين. وكخبر البيهقي بإسناد صحيح كما في المجموع: نهى رسول الله (ص) عن لبس القميص والأقبية والسراويلات والخفين إلا أن لا يجد النعلين. فإن قيل: السؤال في الخبر الأول عما يلبس وأجيب بما لا يلبس، فما الحكمة في ذلك؟ أجيب بأن ما لا يلبس محصور بخلاف ما يلبس، إذ الأصل الإباحة، وفيه تنبيه على أنه كان ينبغي السؤال عما لا يلبس، وبأن المعتبر في الجواب ما يحصل المقصود وإن لم يطابق صريحا، وهي أمور، قال في الرونق واللباب: إن مجموعها عشرون شيئا، وجرى على ذلك البلقيني في التدريب، وقال في الكفاية: إنها عشرة، أي والباقية متداخلة. قال الأذرعي:
واعلم أن المصنف بالغ في اختصار أحكام الحج لا سيما هذا الباب، وأتى فيه بصيغة تدل على حصر المحرمات فيما ذكره، والمحرر سالم من ذلك فإنه قال: يحرم في الاحرام أمور منها كذا وكذا اه. والمصنف عدها سبعة فقال: (أحدها: ستر بعض رأس الرجل) ولو البياض الذي وراء الاذن سواء أستر البعض الآخر أم لا، (بما يعد ساترا) عرفا محيطا كان أو غيره كالعمامة والطيلسان والخرقة، وكذا الطين والحناء الثخينين، لخبر الصحيحين: أنه (ص) قال في المحرم الذي خر عن بعيره ميتا: لا تختمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا بخلاف ما لا يعد ساترا كاستظلال بمحمل وإن مسه وكحمل قفة أو عد من غير قصد ستر بذلك، فإن قصد بحمل القفة ونحوها الستر لزمته الفدية كما جزم به الفوراني وغيره، كانغماسه في ماء ولو كدرا وتغطية رأسه بكفه أو كف غيره وشده بخيط. ولو غطى رأسه بثوب تبدو البشرة من ورائه، ففي الكفاية عن الامام أنه يوجب الفدية وأنه لا يبعد إلحاقه بوضع الزنبيل، وينبغي كما قال السبكي القطع بالأول لأنه يعد ساترا هنا بخلاف الصلاة. (إلا) ستر بعض رأس الرجل أو كله، (لحاجة) من حر أو برد أو مداواة، كأن جرح رأسه فشد عليه خرقة فيجوز لقوله تعالى: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * لكن تلزمه الفدية قياسا على الحلق بسبب الأذى.
تنبيه: عبارة المصنف أحسن من قول المحرر: إلا لحاجة مداواة لأنها أخصر وأحصر. (و) يحرم عليه (لبس المخيط) كقميص وقباء وإن لم يخرج يديه من كميه، وخريطة لخضاب لحيته، وقفاز وسراويل وتبان وخف. (أو المنسوج) كدرع، (أو المعقود) كجبة لبد، (في سائر) أي جميع أجزاء (بدنه) لحديث الصحيحين أول الباب. والمعتبر في اللبس العادة في كل ملبوس، إذ به يحصل الترفه، فلو ارتدى بالقميص أو القباء أو التحف بهما أو اتزر بالسراويل فلا فدية، كما لو اتزر بإزار لفقه من رقاع أو أدخل رجليه في الخف. ولو ألقي على نفسه قباء أو فرجية وهو مضطجع وكان بحيث لو قام أو قعد لم يستمسك عليه إلا بمزيد أمر لم تلزمه الفدية، ولو زر الإزار أو خاطه حرم كما نص عليه في الاملاء.
ويجوز أن يعقد إزاره لا رداءه، وأن يشد عليه خيطا ليثبت وأن يجعله مثل الحجزة ويدخل فيه التكة إحكاما. وله تقليد السيف والمصحف وشد المنطقة والهميان على وسطه للحاجة إلى ذلك. وله أن يلف بوسطه عمامة ولا يعقدها، وأن يلبس الخاتم، وأن يدخل يده في كم قميص منفصل عنه، وأن يغرز طرف ردائه في إزاره. ولا يجوز له أن يعقد رداءه ولا أن