ومن يمن سبع بتقديم سينه وقد كملت فاشكر لربك إحسانه (وصيد) حرم (المدينة) أو أخذ نباته كما في المجموع (حرام) لقوله (ص) إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها رواه مسلم عن جابر.
تنبيه: لو زاد المصنف حرم كما قدرته في كلامه تبعا للمحرر والشرحين والروضة كان أولى، لأن التحريم لا يختص بالمدينة. واللابتان الحرتان بفتح الحاء المهملة تثنية لابة، وهي أرض تركبها حجارة سود، لابة شرقي المدينة ولابة غربيها، فحرمها ما بينهما عرضا وما بين جبليها طولا، وهما عير وثور لخبر الصحيحين: المدينة حرم من عير إلى ثور.
واعترض بأن ذكر ثور هنا، وهو بمكة، غلط من الرواة وأن الرواية الصحيحة أحد. ورد بأن وراءه جبلا صغيرا يقال له ثور فأحد من الحرم. (ولا يضمن) الصيد ولا النبات (في الجديد) لأنه ليس محلا للنسك بخلاف حرم مكة، والقديم أنه يضمن بسلب الصائد والقاطع لشجره، واختاره المصنف في المجموع، وتصحيح التنبيه لثبوت ذلك عن رسول الله (ص) كما أخرجه مسلم في الشجر وأبو داود في الصيد. واختلف على هذا في السلب ما هو ولمن هو؟ فقيل إنه كسلب القتيل الكافر، وقيل: ثيابه فقط، وقيل وهو الأصح في المجموع: إنه يترك للمسلوب ما يستر به عورته، والأصح أن السلب للسالب، وقيل: لفقراء المدينة، وقيل: لبيت المال. ونقل تراب حرم المدينة وأحجاره وما عمل منه كالكيزان وإدخال ذلك من الحل إليه حكم حرم مكة فيما مر. ويحرم صيد و ج الطائف ونباته، ولا ضمان فيهما قطعا. والنقيع بالنون، وقيل بالباء، ليس بحرم ولكن حماه النبي (ص) لنعم الصدقة ونعم الجزية، فلا يملك شئ من نباته ولا يحرم صيده ولا يضمن، ويضمن ما أتلفه من نباته، لأنه ممنوع منه فيضمنه بقيمته. قال الشيخان: ومصرفها مصرف نعم الجزية والصدقة. وبحث المصنف أنها لبيت المال. ثم شرع في بيان أنواع الدماء، وهي أربعة أقسام، لأن الدم إما مخير أو مرتب، وكل منهما إما معدل أو مقدر، وسأجمعها لك في خاتمة هذا الباب إن شاء الله تعالى. وقد بدأ بالمخير المعدل فقال: (ويتخير في) جزاء إتلاف (الصيد المثلي بين) ثلاثة أمور: (ذبح) بذال معجمة، (مثله) بثاء مثلثة، (والصدقة به) بأن يفرق لحمه مع النية حتما (على مساكين الحرم) وعلى فقرائه كما فهم بالأولى، أو يملكهم جملته مذبوحا. ولا يجوز إخراجه حيا ولا أكل شئ منه. (وبين أن يقوم المثل) بالنقد الغالب (دراهم) أو غيرها، (ويشتري بها طعاما لهم) ممن يجزئ في الفطرة، أو يخرج مقدارها من طعامه إذ الشراء مثال، (أو يصوم) في أي مكان شاء (عن كل مد) من الطعام (يوما) وذلك لقوله تعالى: * (فجزاء مثل ما قتل من النعم) * إلى قوله: * (صياما) *. ويستثنى من إطلاقه ذبح المثل ما إذا قتل صيدا مثليا حاملا، فإنه لا يجوز ذبح مثله على الأصح كما مر بل يقوم المثل حاملا ويتصدق بقيمته طعاما.
تنبيه: قوله دراهم منصوب على نزع الخافض، أي بدراهم. والتقويم لا يختص بها، فلو عبر بالنقد الغالب كما قدرته كان أولى. وقوله لهم، أي لأجلهم، لا لأن الشراء يقع لهم. وقد يفهم كلامهم أنه لو بقي من الطعام أقل من مد لم يصم عنه شيئا، لأن الصوم لا يتبعض، وليس مرادا بل يكمل المنكسر ويصوم عنه يوما ولا يفعل مكان المنكسر كامل إلا هنا وفي القسامة، وقد تقدم أن الكافر كالمسلم في صيد الحرم إلا في الصوم فيتخير بين شيئين فقط. (وغير المثلي) مما لا نقل فيه من الصيد يتخير في جزاء إتلافه بين أمرين: أحدهما يتصدق بقيمته أي بقدرها (طعاما) يتصدق به على مساكين الحرم وفقرائه فلا يتصدق بالدراهم، وثانيهما: ما ذكره بقوله: (أو يصوم) عن كل مد يوما، ويكمل المنكسر كما مر، والعبرة في قيمة غير المثلي بمحل الاتلاف وزمانه قياسا على كل متلف متقوم، وفي قيمة مثل المثلي