مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٠٣
أي شعور رؤوسكم لأن الرأس لا يحلق. والشعر جمع وأقله ثلاث، كذا استدلوا به، ومنهم المصنف في المجموع. قال الأسنوي:
ولا دلالة له في ذلك لأن الجمع إذا كان مضافا كان للعموم، وفعله (ص) يدل عليه أيضا. نعم الطريق إلى توجيه المذهب أن يقدر لفظ الشعر منكرا مقطوعا عن الإضافة، والتقدير: شعرا من رؤوسكم، أو تقول: قام الاجماع كما نقله في المجموع على أنه لا يجب الاستيعاب فاكتفينا في الوجوب بمسمى الجمع اه‍. ولو لم يكن هناك إلا شعرة وجب إزالتها كما في البيان. وقضية إطلاق المصنف أنه لا فرق في الشعرات بين أن يأخذها دفعة أو في دفعات وهو المذهب في المجموع، وجزم به في المناسك، لكن حاصل ما في الروضة وأصلها تصحيح منع التفريق بناء على الأصح من عدم تكميل الدم بإزالتها المحرمة، والأول هو المعتمد. ويجاب عن البناء بأنه لا يلزم منه الاتحاد في التصحيح، نعم يزول بالتفريق الفضيلة، ولا يأتي التصحيح في الشعرة الواحدة المأخوذة بدفعات، وإن سوى أصل الروضة بينهما في البناء المذكور، ولا بد أن يكون من شعر الرأس كما أشار إليه بقوله بعد: ومن لا شعر برأسه فلا يقوم مقامه شعر اللحية ولا غيرها من شعر البدن وإن استوى الجميع في وجوب الفدية، ويجوز مما يحاذي الرأس قطعا وكذا من المسترسل النازل عن حد الرأس. ويكفي في الإزالة أخذ الشعر (حلقا أو تقصيرا أو نتفا أو إحراقا أو قصا) أو أخذه بنورة أو نحو ذلك لأن المقصود الإزالة، وكل من هذه الأشياء طريق إليها.
نعم من نذر الحلق، وقلنا بوجوبه وهو الأصح، تعين استيعاب الرأس به، فإن خالف وأزال بغيره أثم وأجزأه. (ومن لا شعر) كائن (برأسه) أو ببعضه كما قاله الأسنوي بأن خلق كذلك أو كان قد حلق واعتمر من ساعته كما مثله العمراني، (يستحب) له (إمرار الموسى عليه) بالاجماع كما قاله ابن المنذر كله أو بعضه تشبيها بالحالقين، وإنما لم يجب الامرار لأن ذلك فرض تعلق بجزء آدمي فسقط بفواته كغسل اليد في الوضوء. وأما خبر: المحرم إذا لم يكن على رأسه شعر يمر الموسى على رأسه فضعيف، ولو صح حمل على الندب. فإن قيل: قياس وجوب مسح الرأس في الوضوء عند فقد شعره الوجوب هنا. أجيب بأن الفرض ثم تعلق بالرأس وهنا بشعره، وبأن من مسح بشرة الرأس يسمى ماسحا، ومن مر بالموسى عليه لا يسمى حالقا.
والظاهر كما قال الأذرعي أن هذا للرجل دون الأنثى لأن الحلق ليس بمشروع لها، ومثلها الخنثى. ويسن أن يأخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئا ليكون قد وضع من شعره شيئا لله تعالى. والموسى بألف في آخره وتذكر وتؤنث: آلة من الحديد. (فإذا حلق أو قصر دخل مكة وطاف طواف الركن) للاتباع، رواه مسلم. والسنة أن يرمي بعد ارتفاع الشمس قدر رمح ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف ضحوة. وهذا الطواف له أسماء غير ذلك، وهي: طواف الإفاضة وطواف الزيارة وطواف الفرض، وقد يسمى طواف الصدر بفتح الدال، والأشهر أن طواف الصدر طواف الوداع. ويسمى طواف الركن. فالفرض لتعينه والإفاضة لاتيانهم به عقب الإفاضة من منى والزيارة لأنهم يأتون من منى زائرين البيت ويعودون في الحال، والأفضل أن يطوفوا يوم النحر. ويسن أن يشرب بعده من سقاية العباس من زمزم لأنه صح أنه (ص) جاء بعد الإفاضة وهم يسقون على زمزم فناولوه دلوا فشرب منه. (وسعى) بعده (إن لم يكن سعى) بعد طواف القدوم كما مر، وهذا السعي ركن كما سيأتي. (ثم يعود) من مكة (إلى منى) قبل صلاة الظهر بحيث يصلي الظهر بها للاتباع، رواه مسلم عن ابن عمر، ولا يعارضه ما رواه مسلم أيضا عن جابر: أنه (ص) صلى الظهر يومئذ بمكة، وجمع بينهما في المجموع بأنه صلى بمكة في أول الوقت بعد الزوال ثم رجع إلى منى وصلى ثانيا إماما لأصحابه، كما صلى بهم في بطن نخل مرتين: مرة بطائفة ومرة بأخرى، فروى ابن عمر صلاته بمنى، وجابر صلاته بمكة. وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنه (ص) أخر طواف يوم النحر إلى الليل وهو محمول على أنه أخر طواف نسائه وذهب معهن. (وهذا) الذي يفعل يوم النحر من أعمال الحج أربعة، وهي: (الرمي والذبح والحلق والطواف، يسن ترتيبها كما ذكرنا) ولا يجب، لما روى
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532