وبذلك علم أن وقفه ليس على التحلي كما توهم فإنه باطل كالوقف على تزويق المسجد ونقشه لأنه إضاعة مال. وقضية ما ذكر أنه مع صحة وقفه لا يجوز استعماله عند عدم الحاجة إليه، وبه صرح الأذرعي نقلا له عن العمراني عن أبي إسحاق.
(وشرط زكاة النقد الحول) لخبر أبي داود وغيره: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول نعم لو ملك نصابا ستة أشهر مثلا ثم أقرضه إنسانا لم ينقطع الحول كما ذكره الرافعي في باب زكاة التجارة في أثناء تعليل وأسقطه من الروضة. (ولا زكاة في سائر الجواهر كاللؤلؤ) والياقوت والزبرجد والفيروزج والمرجان لعدم ورودها في ذلك، ولأنها معدة للاستعمال فأشبهت الماشية العاملة.
خاتمة: كل حلي لا يحل لاحد من الناس حكم صنعته كحكم صنعة الاناء فلا يضمنه كاسره على الأصح، بخلاف ما يحل لبعض الناس لا يكسر لامكان الانتفاع به، ولو كسره أحد ضمنه. ولا يجوز تثقيب الآذان للقرط وإن أبيح القرط لأنه تعذيب بلا فائدة، ووجب القصاص على المثقب إن وجدت شروطه كما قاله في الأنوار. ويجوز ستر الكعبة بالحرير لفعل السلف والخلف له تعظيما لها بخلاف ستر غيرها به، وأخذ بعض المتأخرين من التعليل جواز ستر قبره (ص) به، وينبغي اعتماده. قال ابن عبد السلام: ولا بأس بتزيين المسجد بالقناديل، أي من غير النقدين والشموع التي لا توقد لأنه نوع احترام.
باب زكاة المعدن والركاز والتجارة بدأ المصنف بأولها، وهو بفتح الميم وكسر الدال اسم للمكان الذي خلق الله تعالى فيه الجواهر من الذهب والفضة والحديد والنحاس، سمي بذلك لعدونه، أي إقامته، يقال عدن إذا أقام فيه، ومنه: * (جنات عدن) * أي إقامة، ويسمى المستخرج معدنا أيضا كما في الترجمة. والأصل في زكاته قبل الاجماع قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا) * أي زكوا * (من طيبات) * أي خيار * (ما كسبتم) * أي من المال * (ومن طيبات ما أخرجنا لكم من الأرض) * أي من الحبوب والثمار، وخبر الحاكم في صحيحه أنه (ص) أخذ من المعادن القبلية الصدقة، وهي بفتح القاف والباء الموحدة: ناحية من قرية بين مكة والمدينة يقال لها الفرع بضم الفاء وإسكان الراء. فقال: (من استخرج) وهو من أهل الزكاة (ذهبا أو فضة) لا غيرهما كياقوت وزبرجد ونحاس وحديد، (من معدن) من أرض مباحة أو مملوكة له، (لزمه ربع عشره) لعموم الأدلة السابقة كخبر: وفي الرقة ربع العشر ولا تجب عليه زكاته في المدة الماضية إذا وجده في ملكه لأنه لم يتحقق كونه ملكه من حين ملك الأرض لاحتمال كون الموجود مما يخلق شيئا فشيئا، والأصل عدم وجوب الزكاة. (وفي قول) يلزمه (الخمس) كالركاز بجامع الخفاء في الأرض. (وفي قول إن حصل بتعب) كأن احتاج إلى طحن أو معالجة بالنار أو حفر، (فربع عشره، وإلا) بأن حصل بلا تعب (فخمسه) لأن الواجب يزداد بقلة المؤنة وينقص بكثرتها كالمعشرات. (ويشترط) لوجوب الزكاة فيه (النصاب) لأن ما دونه لا يحتمل المواساة كما في سائر الأموال الزكوية، (لا الحول على المذهب فيهما) وقطع به، لأن الحول إنما يعتبر لأجل تكامل النماء، والمستخرج من المعدن نماء في نفسه فأشبه الثمار والزروع. وقيل في اشتراط كل منهما قولان، وطريق الخلاف مفرع في النصاب على وجوب الخمس لأنه مال يجب تخميسه فلا يعتبر فيه النصاب كالفئ والغنيمة، وفي الحول على وجوب ربع العشر لعموم: لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. وإنما عبر بالمذهب لأن الأصح القطع باشتراط النصاب وبعدم اشتراط الحول. (ويضم بعضه) أي المستخرج (إلى بعض إن) اتحد المعدن، أي المخرج، (وتتابع العمل) كما يضم المتلاحق