مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٣٥٤
بإسناد صحيح، والثاني: تسنيمه أولى لأن التسطيح شعار الروافض فيترك مخالفة لهم وصيانة للميت وأهله عن الاتهام ببدعة.
ورد هذا بأن السنة لا تترك لموافقة أهل البدع فيها، إذ لو روعي ذلك لأدى إلى ترك سنن كثيرة. (ولا يدفن اثنان في قبر) ابتداء، بل يفرد كل ميت بقبر حالة الاختيار للاتباع، ذكره في المجموع وقال إنه صحيح. وعبارة الروضة: المستحب في حالة الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر اه‍. فلو جمع اثنان في قبر واتحد الجنس كرجلين وامرأتين كره عند الماوردي وحرم عند السرخسي، ونقله المصنف عنه في مجموعه مقتصرا عليه وعقبه بقوله: وعبارة الأكثرين ولا يدفن اثنان في قبر قال السبكي: لكن الأصح الكراهة أو نفى الاستحباب. أما التحريم فلا دليل عليه اه‍ وسيأتي ما يقوى التحريم. (إلا لضرورة) كأن كثروا وعسر إفراد كل ميت بقبر فيجمع بين الاثنين والثلاثة والأكثر في قبر بحسب الضرورة، وكذا في ثوب، وذلك للاتباع في قتلى أحد، رواه البخاري. (فيقدم) حينئذ (أفضلهما) وهو الأحق بالإمامة إلى جدار القبر القبلي لأنه (ص) كان يسأل في قتلى أحد عن أكثرهم قرآنا فيقدمه إلى اللحد، لكن لا يقدم فرع على أصله من جنسه وإن علا حتى يقدم الجد ولو من قبل الام وكذا الجدة، قاله الأسنوي، فيقدم الأب على الابن وإن كان أفضل منه لحرمة الأبوة، وتقدم الام على البنت وإن كانت أفضل منها، أما الابن مع الام فيقدم لفضيلة الذكورة. ويقدم الرجل على الصبي والصبي على الخنثى والخنثى على المرأة. ولا يجمع رجل وامرأة في قبر إلا لضرورة، فيحرم عند عدمها كما في الحياة. قال ابن الصلاح: ومحله إذا لم يكن بينهما محرمية أو زوجية وإلا فيجوز الجمع، قال الأسنوي: وهو متجه. والذي في المجموع أنه لا فرق، فقال: إنه حرام حتى في الام مع ولدها، وهذا كما قال شيخي هو الظاهر، إذ العلة في منع الجمع الايذاء لأن الشهوة قد انقطعت فلا فرق بين المحرم وغيره ولا بين أن يكونا من جنس واحد أو لا. والخنثى مع الخنثى أو غيره كالأنثى مع الذكر والصغير الذي لم يبلغ حد الشهوة كالمحرم. ويحجز بين الميتين بتراب حيث جمع بينهما ندبا كما جزم به ابن المقري في شرح إرشاده، ولو اتحد الجنس. أما نبش القبر بعد دفن الميت لدفن ثان فيه، أي في لحده، فلا يجوز ما لم يبل الأول ويصر ترابا. وأما إذا جعل في القبر في لحد آخر من جانب القبر الآخر من غير أن يظهر من الميت الأول شئ كما يفعل الآن كثيرا فالظاهر عدم الحرمة، ولم أر من ذكر ذلك. (ولا يجلس على القبر) المحترم ولا يتكأ عليه ولا يستند إليه. (ولا يوطأ) عليه إلا لضرورة، كأن لا يصل إلى ميته أو من يزوره وإن كان أجنبيا كما بحثه الأذرعي، أو لا يتمكن من الحفر إلا بوطئه لصحة النهي عن ذلك. والمشهور في ذلك الكراهة هو المجزوم به في الروضة وأصلها، وأما ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي (ص) قال:
لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ففسر فيه الجلوس بالحدث وهو حرام بالاجماع، وجرى المصنف في شرح مسلم وفي رياض الصالحين على الحرمة أخذا بظاهر الحديث، والمعتمد الكراهة. وأما غير المحترم كقبر حربي ومرتد وزنديق فلا يكره ذلك، وإذا مضت مدة يتيقن أنه لم يبق من الميت في القبر شئ فلا بأس بالانتفاع به.
ولا يكره المشي بين المقابر بالنعل على المشهور لقوله (ص): إنه ليسمع خفق نعالهم، وما ورد من الامر بإلقاء السبتيتين في أبي داود والنسائي بإسناد حسن يحتمل أن يكون لأنه من لباس المترفهين، أو أنه كان فيهما نجاسة. والنعال السبتية بكسر السين: المدبوغة بالقرظ. (ويقرب زائره) منه (كقربه منه) في زيارته له، (حيا) أي ينبغي له ذلك كما في الروضة كأصلها احتراما له. نعم لو كان عادته منه البعد وقد أوصى بالقرب منه قرب منه لأنه حقه كما لو أذن له في الحياة، قاله الزركشي.
وأما من كان يهاب في حال حياته لكونه جبارا كالولاة الظلمة فلا عبرة بذلك. (والتعزية) لأهل الميت صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، (سنة) في الجملة مؤكدة، لما رواه ابن ماجة والبيهقي بإسناد حسن: ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة. نعم الشابة لا يعزيها أجنبي وإنما يعزيها محارمها وزوجها، وكذا من ألحق بهم في جواز النظر كما بحثه شيخنا وابن حيران بأنه يستحب التعزية بالمملوك، بل قال الزركشي: يستحب أن
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532