والأول أولى، وهو ما نص عليه الشافعي والأكثرون. ويحرم كبه على وجهه احتراما له بخلافه في حق نفسه في الحياة يكره ولا يحرم لأن الحق له فله فعله. (فهذه) الأغسال المذكورة مع قطع النظر عن السدر ونحوه فيها لما سيأتي أنه يمتنع الاعتداد بها، (غسلة) واحدة. (ويستحب ثانية وثالثة) كذلك، فإن لم تحصل النظافة زيد حتى تحصل، فإن حصلت بشفع استحب الايتار بواحدة. (و) يستحب (أن يستعان في الأول بسدر أو خطمي) بكسر الخاء وحكي ضمها، للتنظيف والابقاء. (ثم يصب ماء قراح) بفتح القاف وتخفيف الراء: أي خالص. (من فرقه إلى قدمه بعد زوال السدر) أو نحوه بالماء، فلا تحسب غسلة السدر ولا ما أزيل به من الثلاث لغير الماء به التغير السالب للطهورية وإنما تحسب منها غسلة الماء القراح فيكون الأولى من الثلاث به هي المسقطة للواجب.
تنبيه: قال السبكي: لا وجه لتخصيص السدر بالأولى، بل الوجه التكرير به إلى أن يحصل النقاء على وفق الخبر والمعنى يقتضيه، فإذا حصل النقاء وجب غسله بالماء الخالص، ويسن بعدها ثانية وثالثة كغسل الحي اه. قال في تصحيح ابن قاضي عجلون: ففي المنهاج تقديم وتأخير، أي لأنه قدم، فهذه غسلة على قوله، ثم يصب ماء قراح، وكان الأولى أن يقول: ثم يصب ماء قراح، فهذه غسلة. (و) يستحب (أن يجعل في كل غسلة) من الثلاث التي بالماء القراح (قليل كافور) إن لم يكن الميت محرما بحيث لا يفحش التغير به لأنه يقوي البدن ويطرد الهوام، وهو في الأخيرة آكد. ويكره تركه كما نص عليه في الام بخلاف الكثير، وهو ما يغير به فيضر إلا إذا كان صلبا فلا يضر لأنه مجاور، والأصل في ذلك خبر الصحيحين أنه (ص) قال لغاسلات ابنته زينب رضي الله عنها: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها واغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافورا أو شيئا من كافور، قالت أم عطية منهن: ومشطناها ثلاثة قرون. وفي رواية: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناها خلفها.
وقوله: أو خمسا إلخ هو بحسب الحاجة في النظافة إلى الزيادة على الثلاث مع رعاية الوتر لا للتخيير، وقوله: إن رأيتن أي إن احتجتن، وكاف ذلك بالكسر خطابا لام عطية، ومشطناها وضفرناها بالتخفيف، وثلاثة قرون: أي ضفائر القرنين والناصية. أما المحرم فيحرم وضع الكافور في ماء غسله، ثم بعد تكميل الغسل يلين الميت مفاصله، ثم ينشف تنشيفا بليغا لئلا تبتل أكفانه فيسرع إليه الفساد، ولا يأتي في التنشيف هنا الخلاف في تنشيف الحي. (ولو خرج) من الميت (بعده) أي الغسل (نجس) ولو من الفرج وقبل التكفين أو وقع عليه نجس في آخر غسله أو بعده، (وجب إزالته فقط) لسقوط الفرض بما وجد، والتنظيف يحصل بنظافة ما حدث. (وقيل) فيما إذا لم يكفن تجب إزالته مع (الغسل إن خرج من الفرج) ليختم أمره بالأكمل. (وقيل) في الخارج منه تجب إزالته مع (الوضوء) لا الغسل كما في الحي. وأما بعد التكفين فيجزم بغسل النجاسة فقط، بل حكى الأسنوي عن فتاوى البغوي أنه لا يجب غسلها إذا كان بعد التكفين. ولا يجنب ميت بوطئ ولا بغيره، ولا يحدث بمس ولا بغيره لسقوط التكليف عنه.
تنبيه: قوله: الوضوء مجرور على تقدير مع كما قدرته، وهو لغة قليلة، لأن جر المضاف إليه مع حذف المضاف قليل. ثم شرع في بيان الغاسل فقال: (ويغسل الرجل الرجل) فهو أولى به، (والمرأة المرأة) فهي أولى بها، وسيأتي ترتيبهم.
تنبيه: قوله: الرجل الرجل و المرأة المرأة بنصب الأول فيهما بخطه، وذلك ليصح إسناد يغسل المسند للمذكر وللمرأة لوجود الفاصل بالمفعول، كما في قولهم: أتى القاضي امرأة، ويجوز رفع الأول منهما، ويكون من عطف الجمل، ويقدر في الجملة المعطوفة فعل مبدوء بعلامة التأنيث. (ويغسل أمته) أي يجوز له ذلك ولو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد