مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٩٦
معناهما لأن ذلك يقطع نظم الصلاة. وصوب الأسنوي عدم البطلان في التنحنح والسعال والعطاس للغلبة وإن كثرت إذ لا يمكن الاحتراز عنها اه‍. وينبغي أن يكون محل الأول ما إذا لم يصر السعال أو نحوه مرضا ملازما له. أما إذا صار السعال ونحوه كذلك فإنه لا يضر كمن به سلس بول ونحوه بل أولى. (لا) تعذر (الجهر) فلا يعذر في يسير التنحنح له، (في الأصح) لأنه سنة لا ضرورة إلى التنحنح له. وفي معنى الجهر سائر السنن كقراءة السورة والقنوت وتكبيرات الانتقالات ، وإن قال الأسنوي المتجه جواز التنحنح للجهر بأذكار الانتقالات عند الحاجة إلى سماع المأمومين، إذ لا يلزمه تصحيح صلاة غيره.
فروع: لو جهل بطلانها بالتنحنح مع علمه بتحريم الكلام فمعذور لخفاء حكمه على العوام، ولو علم تحريم الكلام وجهل كونه مبطلا لم يعذر كما لو علم تحريم شرب الخمر دون إيجابه الحد فإنه يحد، إذ حقه بعد العلم بالتحريم الكف.
ولو تكلم ناسيا لتحريم الكلام في الصلاة بطلت كنسيان النجاسة على ثوبه، صرح به الجويني وغيره. ولو جهل تحريم ما أتى به منه مع علمه بتحريم جنس الكلام فمعذور كما شمله كلام ابن المقري في روضه، صرح به أصله، وكذا لو سلم ناسيا ثم تكلم عامدا، أي يسيرا كما ذكره الرافعي في الصوم. ولو تنحنح إمامه فبان منه حرفان لم يفارقه حملا على العذر لأن الظاهر تحرزه عن المبطل، والأصل بقاء العبادة، وقد تدل كما قال السبكي قرينة حال الإمام على خلاف ذلك فتجب المفارقة. قال الزركشي: ولو لحن في الفاتحة لحنا يغير المعنى وجب مفارقته كما لو ترك واجبا، لكن هل يفارقه في الحال أو حتى يركع لجواز أنه لحن ساهيا وقد يتذكر فيعيد الفاتحة؟ الأقرب الأول، لأنه لا تجوز متابعته في فعل السهو اه‍. بل الأقرب الثاني لأن إمامه لو سجد قبل ركوعه لم تجب مفارقته في الحال. (ولو أكره) المصلي (على الكلام) اليسير في صلاته (بطلت في الأظهر) لأنه أمر نادر كالاكراه على الحدث، والثاني: لا تبطل كالناسي. أما الكثير فتبطل به جزما. (ولو نطق بنظم القرآن بقصد التفهم ك‍ * (يا يحيى خذ الكتاب) *) مفهما به من يستأذن في أخذ شئ أن يأخذه، ومثل قوله لمن استأذن عليه في دخول: * (ادخلوها بسلام) *، وقوله لمن ينهاه عن فعل شئ: * (يوسف أعرض عن هذا) *. (إن قصد معه) أي التفهيم (قراءة لم تبطل) لأنه قرآن فصار كما لو قصد القرآن وحده، ولان عليا رضي الله تعالى عنه كان يصلي فدخل رجل من الخوارج فقال: لا حكم إلا لله ورسوله، فتلا علي: * (فاصبر إن وعد الله حق) *. (وإلا) أبان قصد التفهيم فقط أو لم يقصد شيئا، (بطلت) به لأنه فيهما بشبه كلام الآدميين فلا يكون قرآنا إلا بالقصد. قال في الدقائق: يفهم من قول المنهاج أربع مسائل ، إحداها:
إذا قصد القراءة، الثانية: إذا قصد القراءة والاعلام، الثالثة: إذا قصد الاعلام فقط، الرابعة: أن لا يقصد شيئا، ففي الأولى والثانية لا تبطل، وفي الثالثة والرابعة تبطل، وتفهم الرابعة من قوله وإلا بطلت كما يفهم منه الثالثة، وهذه الرابعة لم يذكرها المحرر، وهي نفيسة لا يستغنى عن بيانها، وسبق مثلها في قول المنهاج وتحل أذكاره لا بقصد قرآن اه‍. وسومح في أخذ الأولى والرابعة من كلامه لأنه جعل الكلام فيما لو قصد التفهيم، وجعل في ذلك قسمين وهما: قصد القراءة معه، وعدم قصدها معه، فلا يندرج في ذلك قصد القراءة فقط وعدم قصد شئ أصلا لأن ما قصد فيه التفهيم يستحيل أن يندرج فيه ما لا يقصد فيه التفهيم. وهذا التفصيل يجري في الفتح على الإمام بالقرآن والجهر بالتكبير أو التسميع، فإنه إن قصد الرد مع القراءة أو القراءة فقط أو قصد التكبير أو التسميع فقط أو مع الاعلام لم تبطل وإلا بطلت، وإن كان في كلام بعض المتأخرين ما يوهم خلاف ذلك.
وخرج بقوله بنظم القرآن ما لو أتى بكلمات منه متوالية مفرداتها فيه دون نظمها، ك‍ يا إبراهيم سلام كن فإن صلاته تبطل، فإن فرقها أو قصد بها القراءة لم تبطل به، نقله في المجموع عن المتولي وأقره. وقضيته أنه لو قصد بها القراءة في الشق الأول أن صلاته تبطل، وهو ظاهر كما قال شيخنا في شرح البهجة فيما إذا لم يقصد القراءة بكل كلمة على انفرادها وإلا لم تبطل، ونقل في المجموع عن العبادي أنه لو قال: * (الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب النار) * بطلت صلاته إن تعمد، وإلا فلا، ويسجد للسهو.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532