مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٨٨
فله العود إليهم، وأما إذا لم ينتظروه بل أتموا صلاتهم فرادى أو قدموا واحدا منهم مثلا فلا يعود للاستغناء عن ذلك بما ذكر، أو مأموما يبتغي فضيلة الجماعة ولم تحصل له في غير موضعه كأن يكون في الصف الأخير لما سيأتي من كراهة وقوف المأموم فردا، فلو كانت صلاته في الصف الأول مثلا فتطهر وعاد لم يتجاوز الصف الأخير لأن فضيلة الجماعة تحصل له في غير موضعه. أما الحدث الدائم كسلس بول فلا يضر على تفصيل مر في الحيض، وإن أحدث مختارا بطلت صلاته قطعا سواء أكان عالما أنه في الصلاة أم ناسيا. ولو صلى ناسيا للحدث أثيب على قصده لا على فعله، إلا القراءة ونحوها مما لا يتوقف على الوضوء فإنه يثاب على فعله أيضا، قال ابن عبد السلام: وفي إثابته على القراءة إذا كان جنبا نظر اه‍.
ويؤخذ مما تقدم عدم الإثابة. (ويجريان) أي القولان (في كل مناقض) أي مناف للصلاة (عرض) فيها (بلا تقصير) من المصلي (وتعذر دفعه في الحال) كما لو تنجس بدنه أو ثوبه بما لا يعفى عنه واحتاج إلى غسله، أو طيرت الريح سترته إلى مكان بعيد. (فإن أمكن) دفعه في الحال (بأن كشفته ريح) أي أظهرت عورته أو وقعت على بدنه أو ثوبه نجاسة يابسة أو على ثوبه نجاسة رطبة، (فستر) العورة، أو ألقى النجاسة اليابسة أو ألقى الثوب في الرطبة (في الحال لم تبطل) صلاته لانتفاء المحذور، ويغتفر هذا العارض اليسير. ولا يجوز أن ينحي النجاسة بيده أو كمه، فإن فعل بطلت صلاته، فإن نحاها بعود فكذا في أحد وجهين هو المعتمد. (وإن قصر) في دفعه (بأن فرغت مدة خف فيها) أي الصلاة (بطلت) قطعا لتقصيره حيث افتتحها في وقت لا يسعها، لأنه حينئذ يحتاج إلى غسل رجليه أو الوضوء على القولين في ذلك، فلو غسل رجليه في الخف قبل فراغ المدة لم يؤثر لأن مسح الخف يرفع الحدث فلا تأثير للغسل قبل فراغ المدة، وكذا لو غسلهما بعدها لمضي مدة وهو محدث، حتى لو وضع رجليه في الماء قبل فراغ المدة واستمر إلى انقضائها لم تصح صلاته لأنه لا بد من حدث ثم يرتفع، وأيضا لا بد من تجديد نية لأنه حدث لم تشمله نية الوضوء الأول.
وصورة المسألة كما قاله السبكي: أن يدخل في الصلاة وهو يظن بقاء المدة إلى فراغه، فإن علم بأن المدة تنقضي فيها فينبغي عدم انعقادها، نعم إن كان في نفل مطلق يدرك منه ركعة فأكثر انعقدت، ولو افتصد مثلا فخرج منه الدم ولم يلوث بشرته أو لوثها قليلا لم تبطل صلاته لأن المنفصل في الأولى غير مضاف إليه وفي الثانية مغتفر. ويسن لمن أحدث في صلاته أن يأخذ بأنفه ثم ينصرف ليوهم أنه رعف سترا على نفسه، وينبغي أن يفعل كذلك إذا أحدث وهو منتظر للصلاة خصوصا إذا قربت إقامتها أو أقيمت. (و) خامسها: (طهارة النجس) الذي لا يعفى عنه (في الثوب والبدن) أي بثوبه أو بدنه حتى داخل أنفه أو فمه أو عينه أو أذنه. (والمكان) أي مكانه الذي يصلي فيه، فلا تصح صلاته مع شئ من ذلك ولو مع جهله بوجوده أو بكونه مبطلا لقوله تعالى: * (وثيابك فطهر) * ولخبر الصحيحين: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ثبت الامر باجتناب النجس وهو لا يجب بغير تضمخ في غير الصلاة فيجب فيها، والامر بالشئ نهي عن ضده والنهي في العبادات يقتضي فسادها فلزم ما ذكر. وإنما جعل داخل الفم والأنف هنا كظاهرهما بخلاف غسل الجنابة لغلظ أمر النجاسة، بدليل أنه لو وقعت نجاسة في عينه وجب غسلها ولا يجب غسلها في الطهارة، فلو أكل متنجسا لم تصح صلاته ما لم يغسل فمه، ولو رأينا في ثوب من يريد الصلاة نجاسة لا يعلم بها لزمنا إعلامه لأن الامر بالمعروف لا يتوقف على العصيان - قاله ابن عبد السلام - كما لو رأينا صبيا يزني بصبية فإنه يجب علينا منعهما وإن لم يكن عصيانا. واستثنى من المكان ما لو كثر ذرق الطير فإنه يعفى عنه للمشقة في الاحتراز منه. وقيد في المطلب العفو بما إذا لم يتعمد المشي عليه، قال الزركشي: وهو مقيد متعين، قال شيخي: وأن لا يكون رطبا، أي أو رجله مبلولة.
فرع: لو تنجس ثوبه بما لا يعفى عنه ولم يجد ماء يغسله به وجب قطع موضعها إن لم تنقص قيمته بالقطع أكثر من أجرة ثوب يصلي فيه لو اكتراه، هذا ما قالاه تبعا للمتولي، وقال الأسنوي: يعتبر أكثر الامرين من ذلك ومن ثمن
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532