مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٣٣
تقديمها في غير الصبي، ويجب الفرض الذي قبلها أيضا إن كان يجمع معها وأدرك قدره كما مر لتمكنه من فعلها. وإنما لم تجب الصلاة الثانية التي تجمع معها إذا خلا من الموانع ما يسعها، لأن وقت الأولى لا يصلح للثانية إلا إذا صلاهما جمعا بخلاف العكس. وأيضا وقت الأولى في الجمع وقت للثانية تبعا بخلاف العكس، بدليل عدم وجوب تقديم الثانية في جمع التقديم وجواز تقديم الأولى، بل وجوبه على وجه في جمع التأخير. أما الطهارة التي يمكن تقديمها على الوقت فلا يعتبر مضي زمن يسعها. (وإلا) أي وإن لم يدرك قدر الفرض كما وصفنا، (فلا) وجوب في ذمته لعدم التمكن من فعلها كما لو هلك النصاب قبل التمكن.
تنبيه: اقتصر المصنف على ذكر الحيض ليعلم منه أن النفاس كذلك لأنه دم حيض مجتمع كما مر، وعلى الجنون ليعلم منه الاغماء بالأولى، ولا يمكن طريان الصبا لاستحالته ولا الكفر المسقط للإعادة لأنه ردة وهو ملزوم فيها بالإعادة.
فصل: الاذان: والأذين والتأذين بالمعجمة لغة: الاعلام، قال تعالى: * (وأذن في الناس بالحج) * أي أعلمهم. وشرعا:
قول مخصوص يعلم به وقت الصلاة المفروضة. والأصل فيه قبل الاجماع قوله تعالى: * (وإذا ناديتم إلى الصلاة) * وخبر الصحيحين: إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم وفي أبي داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري أنه قال: لما أمر رسول الله (ص) بالناقوس ليضرب به الناس لجمع الصلوات، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، فقال: أو لا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت: بلى، فقال: تقول الله أكبر الله أكبر إلى آخر الاذان، ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول إذا قمت إلى الصلاة: الله أكبر الله أكبر إلى آخر الإقامة. فلما أصبحت أتيت النبي (ص) فأخبرته بما رأيت فقال: إنها رؤيا حق إن شاء الله تعالى، قم إلى بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه فيؤذن به، فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى، فقال (ص): فلله الحمد. فإن قيل: رؤيا المنام لا يثبت بها حكم. أجيب بأنه ليس مستند الاذان الرؤيا فقط، بل وافقها نزول الوحي، فقد روى البزار: أن النبي (ص) أري الاذان ليلة الاسراء وأسمعه مشاهدة فوق سبع سماوات ثم قدمه جبريل فأم أهل السماء وفيهم آدم ونوح عليهم أفضل الصلاة والسلام، فأكمل له الله الشرف على أهل السماوات والأرض.
فائدة: كانت رؤيا الاذان في السنة الأولى من الهجرة، قيل: إن عبد الله بن زيد لما مات النبي (ص) قال:
اللهم أعمني حتى لا أرى شيئا بعده، فعمي من ساعته. وقيل: إنه أذن مرة بإذن النبي (ص) وهو أول مؤذن في الاسلام. وقيل: أول مؤذن هو بلال، ولم يؤذن لاحد بعد النبي (ص) غير مرة ل عمر حين دخل الشام فبكى الناس بكاء شديدا. روى الحاكم أن رسول الله (ص) قال: خير السودان ثلاثة: بلال، ولقمان، ومهجع مولى عمر وهو أول قتيل من المسلمين يوم بدر. وذكر ابن حزم أنه لا يكمل حسن الحور العين في الجنة إلا بسواد بلال، فإنه يفرق سواده شامات في خدودهن، فسبحان من أكرم أهل طاعته. (والإقامة) في الأصل مصدر أقام، وسمي الذكر المخصوص بها لأنه يقيم إلى الصلاة، والأذان والإقامة مشروعان بالاجماع، لكن اختلف في كيفية مشروعيتهما، فقال المصنف: كل منهما (سنة) لأنه (ص) لم يأمر بهما في حديث الاعرابي مع ذكر الوضوء والاستقبال وأركان الصلاة، ولقوله (ص): لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول لاستهموا عليه رواه البخاري، ولأنهما للاعلام بالصلاة فلم يجبا كقوله: الصلاة جامعة، حيث يشرع ذلك. لكنه ضعف هذا في المجموع بأنه ليس في ذلك إشعار ظاهر بخلاف الاذان، وفي المهمات بأن ذاك دعاء إلى مستحب وهذا دعاء إلى واجب، وهما سنة على الكفاية كما في المجموع، أي في حق الجماعة كما في سائر سنن الكفاية كابتداء السلام. أما المنفرد فهما في حقه سنة عين. وإنما أفرد المصنف الخبر وهو عائد
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532