أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وعند الطلوع والاصفرار في خبر مسلم السابق، وليس فيهما ذكر الرمح، وهو تقريب.
وما قررت به عبارة المصنف من أن الأوقات خمسة هي عبارة الجمهور وتبعهم في المحرر، وهو أولى من الاقتصار على الثلاثة المذكورة في المتن، لأن من لم يصل الصبح حتى طلعت الشمس أو العصر حتى اصفرت يكره له التنفل حتى ترتفع أو تغرب، وهذا يفهم من عبارة الجمهور دون عبارة الكتاب، ولان حال الاصفرار يكره التنفل فيه على العبارة الأولى بسببين، وعلى الثانية بسبب واحد. ولعل المصنف توهم اندراجهما في قوله: وبعد الصبح وبعد العصر وقد علمت ما فيه. قال الأسنوي: والمراد بحصر الصلاة في الأوقات إنما هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية فستأتي كراهة التنفل في وقت إقامة الصلاة ووقت صعود الإمام لخطبة الجمعة اه. وإنما ترد الأولى إذا قلنا: إن الكراهة للتنزيه، وزاد بعضهم كراهة وقتين آخرين: وهما بعد طلوع الفجر إلى صلاته، وبعد المغرب إلى صلاته، وقال إنها كراهة تحريم على الصحيح، ونقله عن النص اه. والمشهور في المذهب خلافه. قال الأصحاب: وإذا صلى في الأوقات المنهي عنها عزر، ولا تنعقد إذا قلنا أنها كراهة تحريم، وكذا على كراهة التنزيه على الأصح. فإن قيل: يلزم من عدم الانعقاد أن الكراهة للتحريم لا للتنزيه، لأن الاقدام على العبادة التي لا تنعقد حرام اتفاقا لكونه تلاعبا. أجيب بأنه لا يلزم من القول بعدم الانعقاد القول بأن الكراهة للتحريم، لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة يضاد الصحة كنهي التحريم كما هو مقرر في الأصول. (إلا لسبب) غير متأخر فإنها تصح، (كفائتة) لأن سببها متقدم سواء أكانت فرضا أم نفلا حتى النوافل التي اتخذها وردا، ولخبر: فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها وخبر الصحيحين: أنه (ص) صلى بعد العصر ركعتين وقال: هما اللتان بعد الظهر وفي مسلم: لم يزل يصليهما حتى فارق الدنيا. وهذا من خصوصياته (ص)، فليس لمن قضى في وقت الكراهة صلاة أن يداوم عليها ويجعلها وردا. (و) صلاة (كسوف) واستسقاء وطواف (وتحية) وسنة وضوء (وسجدة شكر) وتلاوة كما ذكره في المحرر، لأن بعضها له سبب متقدم كركعتي الوضوء وتحية المسجد، وبعضها له سبب مقارن كركعتي الطواف وصلاة الجنازة وصلاة الاستسقاء والكسوف، ولان نحو الكسوف والتحية معرض للفوات. وفي الصحيحين في توبة كعب بن مالك: أنه سجد سجدة للشكر بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس، وفيهما عن أبي هريرة: أنه (ص) قال لبلال: حدثني بأرجى عمل عملته في الاسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة. قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي. والدف: صوت النعل وحركته على الأرض. أما ما له سبب متأخر كركعتي الاستخارة والاحرام فإنه لا ينعقد كالصلاة التي لا سبب لها، لأن الاستخارة والاحرام سببهما متأخر عنهما. والمراد بالتقدم وقسيميه بالنسبة إلى الصلاة كما في المجموع، أو إلى الأوقات المكروهة على ما في أصل الروضة، والأول أظهر كما قاله الأسنوي، وعليه جرى ابن الرفعة، فعليه صلاة الجنازة وما ذكر معها سببها متقدم وعلى الثاني قد يكون متقدما، وقد يكون مقارنا بحسب وقوعه في الوقت أو قبله. ومحل صحة ما ذكر معها إذا لم يتحر به وقت الكراهة ليوقعها فيه، وإلا بأن قصد تأخير الفائتة أو الجنازة ليوقعها فيه، أو دخل المسجد وقت الكراهة بنية التحية فقط، أو قرأ آية سجده ليسجدها فيه. ولو قرأ قبل الوقت لم يصح للأخبار الصحيحة كخبر: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها. فإن قيل: كان ينبغي كما قال السبكي أن يكون المكروه الدخول لغرض التحية وتأخير الفائتة إلى ذلك الوقت، أما فعلها فيه فكيف يكون مكروها وقد يكون واجبا بأن فاتته عمدا، بل العصر المؤداة تأخيرها لتفعل وقت الاصفرار مكروه، ولا تقول بعد التأخير إن إيقاعها فيه مكروه بل واجب. أجيب بأن فعل كل من ذلك فيما ذكر مكروه أيضا للأخبار الصحيحة كالخبر المتقدم، وإنما صحت المؤداة لوقوعها في وقتها، بخلاف التحية والفائتة المذكورتين، وكونها قد تجب لا يقتضي صحتها فيما ذكر، لأنه بالتأخير إلى ذلك مراغم للشرع بالكلية ولان المانع يقدم على المقتضى عند اجتماعهما. وأما مداومته (ص) على الركعتين بعد العصر فتقدم الجواب