رأس الظل، فما زال الظل ينقص من الخط فهو قبل الزوال، وإن وقف لا يزيد ولا ينقص فهو وقت الاستواء، وإن أخذ الظل في الزيادة علم أن الشمس زالت. قال العلماء: وقامة كل إنسان ستة أقدام ونصف بقدمه. والشمس عند المتقدمين من أرباب علم الهيئة في السماء الرابعة، وقال بعض محققي المتأخرين: في السادسة. وهي أفضل من القمر لكثرة نفعها. قال الأكثرون: وللظهر ثلاثة أوقات: وقت فضيلة أوله، ووقت اختيار إلى آخره، ووقت عذر وقت العصر لمن يجمع.
وقال القاضي: لها أربعة أوقات: وقت فضيلة أوله إلى أن يصير ظل الشئ مثل ربعه، ووقت اختيار إلى أن يصير مثل نصفه، ووقت جواز إلى آخره، ووقت عذر وقت العصر لمن يجمع. ولها وقت ضرورة وسيأتي، ووقت حرمة، وهو آخر وقتها بحيث لا يسعها ولا عذر. وإن وقعت أداء، ويجريان في سائر أوقات الصلوات.
فائدة: الظل أصله الستر، ومنه أنا في ظل فلان. وظل الليل سواده، وهو يشمل ما قبل الزوال وما بعده.
والفئ مختص بما بعد الزوال. وقد سئل السبكي عن الرجل الذي هو آخر أهل الجنة دخولا إذا تراءت له شجرة يقول يا رب أدنني من هذه لاستظل في ظلها الحديث، من أي شئ يستظل والشمس قد كورت؟ أجاب بقوله تعالى: * (وظل ممدود) * وبقوله: * (هم وأزواجهم في ظلال) *، إذ لا يلزم من تكوير الشمس عدم الظل لأنه مخلوق لله تعالى وليس بعدمي بل هو أمر وجودي له نفع بإذن الله تعالى في الأبدان وغيرها، فليس الظل عدم الشمس كما قد يتوهم.
(وهو) أي مصير ظل الشئ مثله سوى ما مر، (أول وقت العصر) للحديث السابق، والصحيح أنه لا يشترط حدوث زيادة فاصلة بينه وبين وقت الظهر، وعبارة التنبيه: إذا صار ظل كل شئ مثله وزاد أدنى زيادة، وأشار إلى ذلك الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بقوله: فإذا جاوز ظل الشئ مثله بأقل زيادة فقد دخل وقت العصر. وليس ذلك مخالفا لما ذكر بل هو محمول على أن وقت العصر لا يكاد يعرف إلا بها وهي من وقت العصر، وقيل: من وقت الظهر، وقيل: فاصلة بينهما. (ويبقى) وقته (حتى تغرب) الشمس، لحديث: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر متفق عليه. وروى ابن أبي شيبة بإسناده في مسلم: وقت العصر ما لم تغرب الشمس. (والاختيار أن لا تؤخر عن مصير الظل مثلين) بعد ظل الاستواء إن كان لحديث جبريل المار. وسمي مختارا لما فيه من الرجحان على ما بعده. وفي الإقليد: يسمى بذلك لاختيار جبريل إياه. وقوله فيه بالنسبة إليها: الوقت ما بين هذين محمول على وقت الاختيار. وقال الإصطخري: يخرج وقت العصر بمصير الظل مثليه ووقت العشاء بالثلث والصبح بالاسفار لظاهر بيان جبريل السابق. وأجيب عنه بما تقدم. وللعصر سبعة أوقات: وقت فضيلة أول الوقت، ووقت اختيار، ووقت عذر وقت الظهر لمن يجمع، ووقت ضرورة، ووقت جواز بلا كراهة، ووقت كراهة، ووقت حرمة وهو آخر وقتها بحيث لا يسعها وإن قلنا إنها أداء.
قال بعض المتأخرين: وفي هذا نظر فإن الوقت ليس بوقت حرمة وإنما يحرم التأخير إليه، وهذا الوقت وقت إيجاب لأنه يجب فعل الصلاة فيه فنفس التأخير هو المحرم لا نفس الصلاة في الوقت اه. ويأتي هذا النظر أيضا في قولهم:
وقت كراهة. وزاد بعضهم ثامنا، وهو وقت القضاء فيما إذا أحرم بالصلاة في الوقت ثم أفسده عمدا، فإنها تصير قضاء كما نص عليه القاضي حسين في تعليقه والمتولي في التتمة والروياني في البحر، ولكن هذا رأي ضعيف في المذهب والصحيح لا تصير قضاء. وزاد بعضهم تاسعا: وهو وقت أداء إذا بقي من وقت الصلاة ما يسع ركعة فقط. (والمغرب) يدخل وقتها (بالغروب) لخبر جبريل، سميت بذلك لفعلها عقب الغروب. وأصل الغروب البعد، يقال غرب بفتح الراء إذا بعد والمراد تكامل الغروب، ويعرف في العمران بزوال الشعاع من رؤوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق. (ويبقى) وقتها (حتى يغيب الشفق الأحمر في القديم) لما في حديث مسلم: وقت المغرب ما لم يغب الشفق وسيأتي تصحيح هذا. وخرج بالأحمر الأصفر والأبيض، ولم يذكره في المحرر لانصراف الاسم إليه لغة، لأن المعروف في اللغة أن الشفق