مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٢٨
ترتيبه) أي الفائت فيقضي الصبح قبل الظهر وهكذا، خروجا من خلاف من أوجبه. (و) يسن (تقديمه على الحاضرة التي لا يخاف فوتها) محاكاة للأداء وللخروج من خلاف من أوجب ذلك أيضا، ولأنه (ص) فاتته صلاة العصر يوم الخندق فصلاها بعد الغروب ثم صلى المغرب، متفق عليه. فإن لم يرتب ولم يقدم الفائتة جاز، لأن كل واحدة عبادة مستقلة. والترتيب إنما وجب في الأداء لضرورة الوقت، فإنه حين وجب الصبح لم يجب الظهر فإذا فات لم يجب الترتيب في قضائه كصوم رمضان، وفعله (ص) المجرد إنما يدل عندنا على الاستحباب، فإن خاف فوت الحاضرة لزمه البداءة بها لئلا تصير فائتة أيضا. وتعبيره ب‍ لا يخاف فوتها صادق بما إذا أمكنه أن يدرك ركعة من الحاضرة فيسن تقديم الفائت عليها في ذلك أيضا، وبه صرح في الكفاية وهو المعتمد كما جرى عليه شيخنا في شرح منهجه، وإن اقتضت عبارة الروضة كالشرحين خلافه. ويحمل إطلاق تحريم إخراج بعض الصلاة عن وقتها على غير هذا ونحوه. ولو تذكر فائتة بعد شروعه في حاضره وجب إتمامها ضاق الوقت أو اتسع، ولو شرع في فائتة معتقدا سعة الوقت فبان ضيقه عن إدراكها أداء وجب قطعها، ولو خاف فوت جماعة حاضرة فالأفضل عند المصنف الترتيب للخلاف في وجوبه. فإن قيل: لم يراع الخلاف في صلاة الجماعة، فقد قيل بوجوبها أيضا، ولذلك رجحه الأسنوي ونقله عن جماعة. أجيب بأن الخلاف في الترتيب خلاف في الصحة، بخلافه في الجماعة.
تنبيه: قد أطلقوا استحباب ترتيب الفوائت، وهو ظاهر إذا فاتت كلها بعذر أو غيره، فإن فات بعضها بعذر وبعضها بغير عذر وجب قضاء ما فات بلا عذر على الفور كما مر. وحينئذ فقد يقال تجب البداءة به. وقد تعارض خلافان: أحدهما قول أبي حنيفة: يجب الترتيب، والثاني قولنا: يجب قضاء الفائت بلا عذر على الفور، ومراعاة الثاني أولى فيجب تقديمها.
ويجب تقديمها أيضا على الحاضرة عند سعة وقتها كما بحثه الأذرعي، وهو ظاهر. قال في المجموع: ويسن إيقاظ النائم للصلاة ولا سيما إذا ضاق وقتها، ففي سنن أبي داود: أن النبي (ص) خرج يوما إلى الصلاة فلم يمر بنائم إلا أيقظه. وكذا إذا رآه أمام المصلين أو كان نائما في الصف الأول أو محراب المسجد أو كان نائما على سطح لا حجاز له لورود النهي عنه، أو كان نائما بعضه في الشمس وبعضه في الظل، أو كان نائما بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، أو كان نائما قبل صلاة العشاء أو بعد صلاة العصر، أو نام خاليا وحده، أو كانت المرأة نائمة مستلقية ووجهها إلى السماء، أو نام الرجل منبطحا فإنها ضجعة يبغضها الله. ويستحب أن يوقظ غيره لصلاة الليل وللتسحر والنائم بعرفات وقت الوقوف لأنه وقت طلب وتضرع. قال الأسنوي: وهذا بخلاف ما لو رأى شخصا يتوضأ بماء نجس فإنه يلزمه إعلامه كما قاله الحليمي في شعب الايمان بكسر الهمزة. (وتكره الصلاة عند الاستواء) كراهة تحريم كما صححه في الروضة والمجموع هنا وإن صححه في التحقيق، وفي الطهارة من المجموع أنها كراهة تنزيه لما روى مسلم عن عقبة بن عامر: ثلاث ساعات كان رسول الله (ص) ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف (الشمس) للغروب (حتى تغرب) فالظهيرة شدة الحر، وقائمها هو البعير يكون باركا فيقوم من شدة حر الأرض، وتضيف بتاء مثناة من فوق ثم ضاد معجمة ثم مثناة من تحت مشددة: أي تميل. وتزول الكراهة بالزوال. ووقت الاستواء لطيف لا يتسع لصلاة ولا يكاد يشعر به حتى تزول الشمس، إلا أن التحريم يمكن إيقاعه فيه فلا تصح الصلاة (إلا يوم الجمعة) لاستثنائه في خبر أبي داود وغيره، والأصح جواز الصلاة في هذا الوقت مطلقا سواء أحضر إلى الجمعة أم لا، وقيل: يختص بمن حضر الجمعة، وصححه جماعة، وقيل: يختص بمن حضر وغلبه النعاس فيدفعه بركعتين. (و) تكره أيضا (بعد) طلوع الشمس صلى الصبح أم لا، وبعد صلاة (الصبح) أداء (حتى ترتفع الشمس) فيهما (كرمح) في رأي العين وإلا فالمسافة بعيدة، (و) بعد اصفرار الشمس حتى تغرب صلى العصر أم لا، وبعد صلاة (العصر) أداء ولو مجموعة في وقت الظهر، (حتى تغرب) للنهي عنها بعد الصلاتين في الصحيحين عن
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532