عنها. أما إذا دخل المسجد لا لغرض التحية، أو لغرض غير التحية أو لغرضهما، فلا تكره بل تسن، لخبر الصحيحين:
إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فهو مخصص لخبر النهي. فإن قيل: خبر النهي عام في الصلوات خاص في الأوقات وخبر التحية بالعكس، فلم رجح تخصيص خبر النهي؟ أجيب بأن التخصيص دخله بما مر من الاخبار في صلاة العصر وصلاة الصبح، وبالاجماع على جواز صلاة الجنازة بعدهما. وأما خبر التحية فهو على عمومه، ولهذا أمر (ص) الداخل في يوم الجمعة في حال الخطبة بالتحية بعد أن قعد، ولو كانت تترك في وقت لكان هذا الوقت لأنه يمتنع حال الخطبة من الصلاة إلا التحية، ولأنه تكلم في الخطبة وبعد أن قعد الداخل، وكل هذا مبالغة في تعميم التحية، ذكر ذلك في المجموع. قال الروياني: ولو قرأ آية سجدة في وقت جواز الصلاة ثم سجد في وقت الكراهة لم يجزه، أي إذا تحرى السجود فيه، وإلا فهو أولى بالجواز مما إذا قرأها وقت الكراهة. (وإلا في حرم مكة على الصحيح) لخبر: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار، رواه الترمذي وغيره وقال: حسن صحيح، ولما فيه من زيادة فضل الصلاة فلا تكره بحال. نعم هي خلاف الأولى كما في مقنع المحامي خروجا من الخلاف. والثاني: أنها تكره لعموم الاخبار. وحملت الصلاة المذكورة في هذا الحديث على ركعتي الطواف، قال الإمام: وهو بعيد لأن الطواف سببهما فلا حاجة إلى تخصيص بالاستثناء. وقيل:
الاستثناء خاص بالمسجد الحرام، وقيل: بنفس البلد. وخرج بحرم مكة حرم المدينة فإنه كغيره. ثم شرع فيمن تجب عليه الصلاة ويعلم منه من لا تجب عليه، وترجم لذلك بفصل فقال:
فصل: إنما تجب الصلاة على كل مسلم: ذكر أو أنثى، فلا تجب على كافر أصلي وجوب مطالبة بها في الدنيا لعدم صحتها منه، لكن تجب عليه وجوب عقاب عليها في الآخرة لتمكنه من فعلها بالاسلام. (بالغ) كذلك فلا تجب على صغير لعدم تكليفه، (عاقل) كذلك، فلا تجب على مجنون لما ذكر، (طاهر) فلا تجب على حائض أو نفساء لعدم صحتها منهما. فمن اجتمعت فيه هذه الشروط وجبت عليه الصلاة بالاجماع. (ولا قضاء على الكافر) إذا أسلم، لقوله تعالى: * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) *. وقد يؤدي إيجاب ذلك إلى التنفير، فخفف عنه ذلك ترغيبا.
قال في المجموع: إذا أسلم أثيب على ما فعله من القرب التي لا تحتاج إلى نية كصدقة وصلة وعتق. (إلا المرتد) فيلزمه قضاؤها بعد إسلامه تغليظا عليه، ولأنه التزمها بالاسلام فلا تسقط عنه بالجحود كحق الآدمي. ولو ارتد ثم جن قضى أيام الجنون مع ما قبلها تغليظا عليه، بخلاف من كسر رجليه تعديا ثم صلى قاعدا لا قضاء عليه لانتهاء معصيته بانتهاء كسره، ولاتيانه بالبدل حالة العجز. ولو سكر متعديا ثم جن قضى المدة التي ينتهي إليها سكره لا مدة جنونه بعدها، بخلاف مدة جنون المرتد، لأن من جن في ردته مرتد في جنونه حكما، ومن جن في سكره ليس سكران في دوام جنونه. ولو ارتدت أو سكرت ثم حاضت أو نفست، ولو استعجلت الحيض بدواء أو استخرجت به جنينا، لم تقض زمن الحيض والنفاس، وفارقت المجنون بأن إسقاط الصلاة عنها عزيمة لأنها مكلفة بالترك، وعنه رخصة، والمرتد والسكران ليسا من أهلها، وما وقع في المجموع من قضاء الحائض المرتدة زمن الجنون نسب فيه إلى السهو.
تنبيه: قوله: المجموع من قضاء الحائض المرتد زمن الجنون نسب فيه إلى السهو إلا المرتد يجوز جرد على البدل ونصبه على الاستثناء، فقول الشارح بالجر على البدل على مذهب البصريين من أن الكلام المستثنى منه إذا كان تاما غير موجب كقوله تعالى: * (ما فعلوه إلا قليل منهم) *، فالأرجح اتباع المستثنى للمستثنى منه، ويجوز النصب لما روى سيبويه عن يونس وعيسى جميعا أن بعض العرب الموثوق بعربيتهم يقول: ما مررت بأحد إلا زيدا، وقرئ به في السبع: * (إلا قليل منهم) * قرأ به ابن عامر. فإذا عرفت ذلك فالشارح إنما أراد بيان الراجح من الضبط لا أنه يمنع النصب. وهذا دأبه في الضبط يقتصر على ذكر الراجح وإن كان غيره جائزا.
(ولا) على (الصبي) إذا بلغ لما مر، ولو عبر بالطفل كما في الحاوي لكان أولى لأنه يشمل الذكر والأنثى. وقد