مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٢٦
أي الأعمال أفضل: الصلاة في أول وقتها رواه الدارقطني وغيره، وقال الحاكم: إنه على شرط الشيخين، ولفظ الصحيحين: الصلاة لوقتها. وعن ابن عمر مرفوعا: الصلاة في أول الوقت رضوان الله، وفي آخره عفو الله رواه الترمذي.
قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: رضوان الله إنما يكون للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين، ولو اشتغل أول الوقت بأسباب الصلاة كالطهارة والاذان والستر وأكل لقم، بل الصواب الشبع كما مر في المغرب، وتقديم سنة راتبة أو أخر بقدر ذلك عند عدم الحاجة إليه، ثم أحرم بها حصلت له فضيلة أول الوقت ولا يكلف العجلة على خلاف العادة، يحتمل مع ذلك شغل خفيف وكلام قصير وإخراج حدث يدافعه وتحصيل ماء ونحو ذلك. (وفي قول تأخير العشاء) ما لم يجاوز وقت الاختيار (أفضل) لخبر الشيخين: أنه (ص) كان يستحب أن يؤخر العشاء، قال الأذرعي:
وهذا هو المنصوص في أكثر كتبه الجديدة، وقال في المجموع: إنه أقوى دليلا اه‍. قيل: والحكمة في تأخيرها إلى وقت الاختيار لتكون وسط الليل بإزاء صلاة الظهر في وسط النهار، والمشهور استحباب التعجيل لعموم الأحاديث ولأنه هو الذي واظب عليه (ص). وحمل بعضهم القولين على حالين، فحيث قيل التعجيل أفضل أريد ما إذا خاف النوم، وحيث قيل التأخير أفضل أريد ما إذا لم يخف. ويستثنى من التعجيل مسائل: منها ما ذكره المصنف بقوله: (ويسن الابراد بالظهر) أي بصلاته، أي تأخير فعلها عن أول وقتها، (في شدة الحر) إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه طالب الجماعة، لخبر الصحيحين: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة وفي رواية للبخاري: بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم أي هيجانها وانتشار لهيبها، أجارنا الله تعالى منها. والحكمة فيه أن في التعجيل في شدة الحر مشقة تسلب الخشوع أو كماله، فسن له التأخير كمن حضره طعام يتوق إليه أو دافعه الخبث، وما ورد مما يخالف ذلك فمنسوخ، ولا تؤخر عن نصف الوقت على الصحيح.
وخرج بالصلاة الاذان، وبالظهر غيرها من الصلوات ولو جمعة فلا يسن فيها الابراد، أما غير الجمعة فلفقد العلة المذكورة، وأما الجمعة فلخبر الصحيحين عن سلمة: كنا نجمع مع رسول الله (ص) إذا زالت الشمس، ولشدة الخطر في فواتها المؤدي إليه تأخيرها بالتكاسل، ولان الناس مأمورون بالتبكير إليها فلا يتأذون بالحر. فإن قيل: ورد في الصحيحين:
أنه (ص) كان يبرد بها. أجيب بأنه فعله بيانا للجواز جمعا بين الأدلة، مع أن الخبر رواه الإسماعيلي في صحيحه في الظهر فتعارضت الروايتان، فيعمل بخبر سلمة لعدم المعارض. (والأصح اختصاصه) أي الابراد (ببلد حار) قال في البويطي: كالحجاز وبعض العراق. (وجماعة) نحو (مسجد) كرباط ومدرسة، (يقصدونه من بعد) ويمشون إليه في الشمس. فلا يسن الابراد في غير شدة الحر ولو بقطر حار ولا في قطر معتدل أو بارد وإن اتفق فيه شدة الحر، ولا لمن يصلي منفردا أو جماعة بيته أو بمحل حضره جماعة لا يأتيهم غيرهم أو يأتيهم غيرهم من قرب أو بعد لكن يجد ظلا يمشي فيه إذ ليس في ذلك كبير مشقة، نعم الإمام الحاضر في المسجد الذي يقصده الجماعة من بعد يسن له الابراد اقتداء به (ص). وقضية كلامه أنه لا يسن الابراد المنفرد يريد الصلاة في المسجد، وفي كلام الرافعي إشعار بسنه، وقال الأسنوي: إنه الأوجه، وضابط البعد ما يتأثر قاصده بالشمس.
والثاني: لا يختص بذلك، فيسن في كل ما ذكر لاطلاق الخبر. ولو عبر بمصلى بدل مسجد لشمل ما قدرته، إلا أن يراد بالمسجد موضع الاجتماع للصلاة فيشمل ما ذكر. ومنها أنه يندب التأخير لمن يرمي الجمار، ولمسافر سائر وقت الأولى، ولمن تيقن وجود الماء أو السترة أو الجماعة أو القدرة على القيام آخر الوقت، ولمن اشتبه عليه الوقت في يوم غيم حتى يتيقنه أو يظن فواته لو أخره، ولدائم الحدث إذ رجا الانقطاع، وللواقف بعرفة فيؤخر المغرب وإن كان نازلا وقتها ليجمعها مع العشاء بمزدلفة إذا كان سفره سفر قصر، وللمعذور في ترك الجمعة فيؤخر الظهر إلى اليأس من الجمعة إذا أمكن زوال عذره كما سيأتي في الجمعة. (ومن وقع بعض صلاته في الوقت) وبعضها خارجه، (فالأصح إنه أن وقع) في الوقت (ركعة) أو أكثر كما فهم بالأولى (فالجميع أداء) لخبر الصحيحين: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة أي مؤداة.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532