فأما إن كان كله إلى أجل فإنما يصح إلى أجل معلوم، فإذا كان المهر آجلا فليس لها الامتناع عنه، بل عليها تسليم نفسها إليه، لأنها رضيت بتأجيل المهر، فقد دخلت على الرضا بتسليم نفسها قبل قبضه، كما قلنا في البيع إذا كان بثمن آجل، فعلى البائع تسليم السلعة لأنه على هذا دخل.
فإذا ثبت هذا نظرت: فإن سلمت نفسها إليه فلا كلام، وإن تدافع الوقت وتأخر تسليم نفسها إليه حتى حل الأجل ووجب عليه تسليم المهر فليس لها الامتناع هاهنا على قبض المهر لأنه قد وجب عليها تسليم نفسها إليه واستقر ذلك عليها، فليس لها أن تمتنع عليه كما قلناه في البيع سواء.
ويفارق إذا كان المهر عاجلا لأنه ما استحق عليه التسليم قبل قبض المهر فلهذا كان لها الامتناع، وهاهنا قد وجب عليها تسليم نفسها، فليس لها الامتناع بعد ذلك، هذا إذا كان كله عاجلا.
فأما إن كان بعضه عاجلا وبعضه آجلا فإنما يصح بشرطين: أن يعلم قدر الأجل منه، ومنتهى الأجل، فأما على ما يعقد الناس بينهم على صداق عاجل وآجل، ولا يذكر قدر الأجل ولا منتهى الأجل فهو باطل، ويجب لها مهر المثل، ويكون حالا.
فإذا ثبت هذا فعقد بعاجل وآجل معلوم، كان بعضه عاجلا وبعضه آجلا على ما يشرطانه، ولها هاهنا أن تمتنع عنه حتى تقبض قدر العاجل منه على ما قلناه إذا كان كله عاجلا، فإذا قبضت العاجل فليس لها أن تمتنع عنه لما بقي لها من الأجل كما لو كان كله آجلا على ما فصلناه.
إذا تزوج الرجل لم يخل من أحد أمرين: إما أن تكون الزوجة صغيرة أو كبيرة، فإن كانت كبيرة وأقبضها الصداق لزمها تسليم نفسها على ما قلناه، فإن استمهلت اليوم واليومين والثلاث، قال قوم: تمهل، وقال قوم: لا يمهلها، والأول أقوى، لقوله عليه وآله السلام ونهيه أن يطرق الرجل أهله ليلا، ولأن العادة جارية بذلك في العقود.