الثاني: إذا أوصى إليهما، ونهى كل واحد منهما أن ينفرد بالتصرف، فإن هاهنا إن اجتمعا على التصرف صح، وإن انفرد أحدهما بالتصرف لم يصح ذلك، وتصرفه مردود، لأن الموصي لم يرض باختياره وتصرفه وحده، فإن تغير حال أحدهما فليس للذي بقي ولم يتغير أن يتصرف، وللحاكم أن يقيم مقامه آخر وينضاف إلى الذي بقي ليتصرفا.
فإن رأى الحاكم أن يفوض النظر والتصرف كله إلى الذي لم يتغير حاله وحده هل له ذلك أم لا؟ قيل فيه وجهان: أحدهما له ذلك، ويكون وصيا للموصي وأمينا للحاكم، والوجه الثاني لا يصح لأن الموصي لم يرض باجتهاده وحده.
فإن تغير حالهما جميعا فإن الحاكم يقيم مقامهما رجلين أمينين، فإن أراد أن يقيم مقامهما رجلا واحدا فهل له ذلك أم لا؟ قيل فيه وجهان على ما معنى، وهذان الفصلان لا خلاف فيهما.
الثالث: إذا أطلق فقال: أوصيت إليكما، فإن الحكم في هذا الفصل كالحكم في الفصل الثاني إذا أوصى إليهما ونهى كل واحد منهما أن يتصرف وينفرد بتصرفه في جميع الأشياء، قال أبو يوسف: يجوز لكل واحد منهما ذلك.
وإذا تشاح الوصيان وكانت الوصية إلى كل واحد منهما مجتمعا ومنفردا قسم بينهما التركة قسمة المقارنة، لا قسمة العدل، وضربت السهام وجعل في يدل كل واحد منهما نصفه، ليتصرف فيه، ولا ينقطع تصرف كل واحد منهما عما في يد صاحبه.
وأما إذا كانت الوصية مطلقة فلا تجوز القسمة، وكذلك إذا كانت الوصية تتضمن نهي كل واحد منهما عن الانفراد بالتصرف، وفي الناس من قال: إذا كانت الوصية مطلقة جاز أن يقسم التركة ويحفظ كل واحد منهما نصيبه تحت يده وحرزه، ويجتمعا على التصرف ولا ينفرد أحدهما به.
وقد ذكرنا أن الجد أولى بالتولية، فإذا أوصى إلى رجل وكان له أب يعني