في مرض مخوف فإنه يعتبر ذلك من الثلث، ولأصحابنا فيه روايتان: إحديهما أنه يكون من رأس المال، والثانية من الثلث.
فإذا أعطى في مرضه المخوف فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون من جنس واحد أو من أجناس مختلفة، فإن كان من جنس واحد فلا يخلو: إما أن يكون قد فعله دفعة واحدة أو فعله شيئا بعد شئ.
فإن كان شيئا بعد شئ مثل أن يكون أعتق ثم أعتق أو حابى ثم حابى فإنه يقدم الأسبق فالأسبق بلا خلاف، لأن المريض إذا أعتق أو حابى يلزم في حقه ويلزم في حق الورثة من الثلث، فالأول لازم في حقهما والمتأخر لازم في حق أحدهما وهو حق نفسه، فتقديم ما هو لازم في حقهما أولى من تقديم ما هو لازم في حق أحدهما، والثاني أنهما عطيتان منجزتان ولأحدهما التقدم وجب أن يقدم لحق سبقه وتقدمه.
فأما إن كان دفعة واحدة مثل أن يكون أعتق أعبدا أو باع وحابى الجماعة أو وهب لجماعة وأقبضه إياهم نظرت، فإن أعتق نظرت: فإن خرجوا من الثلث عتقوا، وإن لم يخرجوا من الثلث أقرع بينهم حتى يستوفى الثلث، وإن كان محاباة وهبة فإنه يقسط بينهم.
وأما إن كان من أجناس فلا يخلو أن يكون فعله دفعة واحدة أو فعله شيئا بعد شئ، فإن كان فعله شيئا بعد شئ نظرت، فإن حابى ثم أعتق فإن المحاباة تقدم على العتق، وإن أعتق ثم حابى كان مثل ذلك يقدم الأسبق فالأسبق وقال قوم: يسوى بينهما من العتق والمحاباة.
فأما إذا كان دفعة واحدة فهو مثل الوصايا، والكلام عليه يأتي فيما بعد، وفرع على هذا ست مسائل:
أولاها: إذا كان له عبدان سالم وغانم، قال لسالم: متى أعتقت غانما فأنت حر، فقد جعل عتق غانم صفة لسالم، ثم أعتق غانما في مرضه، نظرت، فإن كانا قد خرجا من الثلث، فقد عتقا: عتق الغانم بالمباشرة، وعتق السالم بالصفة، وإن