وإن فعله في حال مرضه، فالأمراض على ضروب ثلاثة: مرض لا يتعلق به حكم، ومرض يكون معه كلام ولا يكون لكلامه معنى، ومرض معه كلام وله حكم.
فأما المرض الذي لا يتعلق به حكم مثل الصداع والرمد وحمى خفيفة، فإن هذا كله لا يتعلق به حكم لأنه لا يخاف منه التلف، وإن أعطي فيه يكون من رأس المال وهكذا المسلول والمفلوج لأنه لا يتعجل موته، ويبقى زمانا كثيرا.
الضرب الثاني: من المرض، وهو إذا عاين الموت وشخص بصره واحمرت وجنتاه أو شق جوفه وبانت حشوته أو وسط أو رفع في ماء قاهر ولا يحسن السباحة، فإنه لا حكم لكلامه، لأنه بحكم الأموات، بدلالة أنه لو قتل لما وجب على قاتله القود لأنه لا تصح منه الشهادة، وحركته حركة المذبوح.
الضرب الثالث من المرض: إذا كان معه كلام ولكلامه حكم، وتصح منه الوصية ويكون من الثلث، هذا إذا فعل في حق غيره فإنه يعتبر من الثلث، فأما ما ينفق على نفسه من الملاذ والشهوات مثل التسري وغيره وشراء الأدوية فإنه يعتبر كله من رأس المال وهذه الوصية تلزم في حقه، فإن برئ ولم يمت فإنها تعتبر من رأس المال وإن مات فإنه يعتبر من الثلث.
المرض المخوف على ضروب: منها الحمى وهو على ضربين: لازمة وغير لازمة.
فاللازمة التي تدوم وتكون مطبقة، ونظرت، فإن كان حمى يوم أو يومين، فلا يكون مخوفا حتى إذا مات منها في يوم أو يومين تعتبر وصاياه من رأس المال، وإن زاد على يومين وثلاثة فيكون ذلك مخوفا.
والضرب الثاني حمى غير لازمة، مثل الغب والربع فإن هذا لا يكون مخوفا اللهم إلا أن يكون معها وجع آخر، مثل السرسام وذات الجنب والرعاف الدائم والقروح التي تكون في الصدر والقولنج فإنه يكون مخوفا، فإنه متى انضاف إلى حمى يوم أو ربع شئ من ذلك كان مرضا مخوفا.
وإما إذا كان به قيام وإسهال فهو على ضربين: إسهال يحرق بطنه وإسهال